ابتلي العالم العربي والإسلامي منذ قرون طويلة، بلعنة “المذهبية” المقيتة، والعنصرية والعرقية، إلى درجة أن التاريخ الإسلامي يحدثنا عن ويلات وهزائم ضخمة تحملتها الأمة بسبب تلك الأمراض الخطيرة، وقد أشعلت المواجهة الأخيرة بين “إسرائيل” اليهودية، وبين إيران “الشيعية”، جذوة هذه اللعنة مجددا، بخروج أطراف توالي “اليهود” ضد “الشيعة” وإن كانوا مسلمين، تماما كما كانت الكثير من الفرق الشيعية عبر التاريخ توالي الكفار والصليبيين، على حساب المسلمين “السنة”، غير أن المعضلة اليوم، أن الذين ينخرطون في هذه اللعبة القذرة، ينسون أو يتناسون أن هذه المواجهة بين الشيعة واليهود، ليست في الحقيقة سوى انعكاس أو نتيجة هامشية بسيطة، للمواجهة الكبرى بين اليهود ومن ورائهم المسيحيين الصليبيين، وبين المسلمين “السنة” في فلسطين وفي غزة، وأنه كان يفترض على جميع المسلمين سنة وشيعة، كما هي روح الإسلام دائما، أن ينخرطوا جميعا في دعم إخوانهم في غزة، ضد الصهاينة المعتدين، بغض النظر عن الأحقاد التاريخية والاختلافات المذهبية، وأن يتم تأجيل مثل هذه المماحكات، إلى ما بعد الانتصار على الأعداء الحقيقيين، لا أن يزيحوا “قضيتهم المركزية” جانبا، المتمثلة في نصرة الأقصى المبارك، ويتفرغوا لنهش بعضهم بعضا بهذه الطريقة المؤسفة.

الفايدة:

أن انخراط طيف واسع من حكام الخليج والمنطقة العربية في المشرق، في اللعبة الصهيوصليبية التي أعدتها المخابر المختصة، في معاداة إيران والانتقام منها، بسبب ما فعلته في سوريا واليمن والعراق، على حساب القضية الفلسطينية، وعلى حساب معاناة أهلنا في غزة، وهم من المسلمين الموحدين السنة، يجعل هذه الأنظمة للأسف تفقد البوصلة مرة أخرى، تماما كما فقدتها ذات يوم في عام 1991، وما بعدها، وبرعاية أمريكية دائما، عندما كانت سببا في إسقاط حكم صدام السني، لصالح حكم الميليشيات الشيعية.

والحاصول:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”.. صدق الله العظيم.