الاثنين 29 أبريل 2024

إعانة الأم لأبنائها على الزواج من نصيبها من الميراث

ⓒ KARA

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل للأمِّ أن تُعينَ أبناءها على تكاليف الزواج من نصيبها في الميراث؟ وهل في ذلك ظُلْمٌ لبناتها؟!

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ: فهذه المسألةُ يَتَنَازَعُها أكثرُ مِنْ أصْلٍ فقهيٍّ أيها الأخ الكريم، أهمُّهما أصلانِ: • الأول: هل يَجِبُ على الأب أو الأم إن عجز الأبُ عن النفَقة إعفاف الأبناء بتزويجِهم؟! وبمعنى آخر: هل هذا مِن النفقة أو مِن الهِبَة؟ فالحنابلةُ يُوجِبونه، ويَجعلونه مِن نفقته على الأب، كما قال المرداوي في الإنصاف: “يجب على الرجلِ إعفافُ مَن وَجَبَتْ نفقتُه عليه من الآباء والأجداد والأبناء وغيرهم…، وهو مِن مفردات المذهب”. انتهى. وقد أفتتْ به اللجنةُ الدائمةُ للبُحُوث والإفتاء (16/ 226) فقالتْ: “يجب عليك أن تزوِّج مَن احتاج إلى الزواج من أبنائك، إذا كان لا يقدر على الزواج مِن ماله، وأنت قادرٌ على ذلك، وتقوم بتكاليف زواجه، ولا تدفع للأبناء المتزوجين والذين يَقْدِرون على الزواج بأموالهم مثل ما دفعت في تزويج هذا الابن المحتاج؛ لأنَّ هذا يعتبر من الإنفاق الواجب، وليس هو من العطيَّة التي تجب فيها التسْويةُ بين الأولاد”. فعلى قولِ الحنابلة لا إشكال أن تُزَوِّجَ تلك الأمُّ أبناءها الذُّكور، ولا ظُلم حينئذٍ على الإناث؛ لأنَّ النفقة لا يجب العدْل فيها، وإنما تكون بحسب الحاجة. • ويرى جمهورُ الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والشافعية أنه لا يَجِبُ على الأب تزويجُ الابن، فعلى قولِهم إن زَوَّجَت الأمُّ أحد الأبناء، وَجَبَ عليها تزويج الباقين، وكذلك يَجِب التسويةُ مع البنات؛ لأنه من باب الهِبَة العطايا، وليس مِن باب النَّفَقة، والعدلُ فيها مأمورٌ به بين الأبناء إن كانت البناتُ مُحتاجات أيضًا. ولكن الجمهور إن وجد ما يدعو إلى التفضيل، فلا يلزم العدل في تلك الحال، فإن كان الأبناءُ الذكورُ فقراء، ولا يملكون نفقات الزواج، فللأمِّ أن تَهَبَ لهم تلك النفقات، ولا يجب عليها تعويض البنات، وإن كانتْ مُطالَبَةً أن تُبَيِّن لهنَّ سبب تفضيل الذُّكور حتى لا يجدْنَ عليها. والحاصل أنه على كلا القولَيْنِ فمساعدة الأم لمن يحتاج الزواج من أبنائها الذكور جائزٌ ما دامتْ مُوسرة، قال الإمام سفيان الثوري: “حق الولد على الوالد: أن يُحسنَ اسمه، وأن يُزَوِّجه إذا بلغ، وأن يحسنَ أدبه”؛ رواه المروزي في كتاب البِرِّ والصلة. وفَّق اللهُ الجميع لما يُحبُّه ويرضاه.

زوّج ولدين من أولاده والثالث صغير، هل يكتب له قطعة أرض

السؤال:

رجل عنده قطعة أرض يريد بيعها ليسد دينه، وله ثلاثة أولاد، قد قام بتزويج اثنين منهم، والثالث طالب، فعرض عليه أولاده المتزوجون أن يشتروا منه القطعة فوافق، وأراد أن يُشرك أخاهم الثالث الذي لم يتزوج ويخصم نصيبه من ثمن قطعة الأرض ليكون شريكاً معهم فيها مقابل أنه زوّج أولاده الاثنين، فهل هذا جائز؟ وما الدليل؟ أفتونا مأجورين.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالأصل هو وجوب العدل بين الأولاد في العطية والهبة لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لبشير لما جاءه ليُشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان، قال له: “يا بشير: ألك ولد سوى هذا؟” قال: نعم، فقال: “أكلهم وهبت له مثل هذا؟” قال: لا، فقال: “فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور”، وفي رواية أنه قال له: “أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟” قال: بلى، قال: “فلا إذا”. ولكن لو وجدت حاجة لبعضهم فلا بأس بإعطائه ما يقضي به حاجته، ولا يلزم إعطاء الآخرين لعدم حاجتهم. أما تزويج الآباء لأبنائهم، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنهما غير ملزمين شرعاً بتزويج، قال النووي في روضة الطالبين: “لا يلزم الأب إعفاف الابن”. وذهب الحنابلة إلى وجوب ذلك على الآباء إذا كانت نفقة الولد واجبة عليه، قال في الإنصاف: “يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم. وهذا الصحيح من المذهب”. وقال ابن قدامة في المغني: “وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته، وكان محتاجاً إلى إعفافه”. وما دام الأب قد زوّج اثنين من أولاده فيجب تزويج الابن الثالث لأنه من العدل المأمور به بين الأبناء في العطايا والهبات، ولأنه يجب عليه تزويج ابنه الغير مستطيع كما هو مذهب الحنابلة. وعليه، فللأب أن يشرك الأخ الثالث في قطعة الأرض مع أخويه بدلاً عن نفقة زواجه؛ من باب التسوية بين الأبناء المأمور بها شرعاً، والله أعلم.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top