الأربعاء 08 مايو 2024

فوزي لم يصنع مفدي

مفدي

يعد الشاعر الجزائري مفدي زكريا شاعر الثورة الجزائرية بدون منازع على الرغم من وجود شعراء ثوريين آخرين

ⓒ ح.م
كاتب صحافي

قرأت هذا الرأي لصاحبه ناصر دوادي الذي يقول فيه: ذاع صيت نزار قباني بفضل عبد الحليم حافظ ونجاة، ولولا الثورة الجزائرية ونشيد “قسما” ولحنه البديع لما اشتهر مفدي زكريا، ومحمود درويش تسلّق أعتاب القضية تسلّقا واستغلها أحسن استغلال. فالشهرة ليست دليلا على فحولة الشاعر.

لا أتحدث عن الشاعر نزار قباني ولا عن الشاعر محمود درويش، ولكن سوف يقتصر حديثي عن الشاعر الجزائري مفدي زكرياء، حيث يقول صاحب الرأي أنه لولا الثورة الجزائرية ونشيد قسما ولحنه البديع لما اشتهر مفدي زكرياء، وفي مناقشة هذا الرأي أقول: إن الشاعر مفدي زكرياء قد كان من أشهر الشعراء في الجزائر وفي الوطن العربي قبل أن تندلع الثورة وقد ذاع صيته قبل أن يكتب النشيد الوطني، ويعود سبب الشهرة قبل الثورة أن الشاعر مفدي زكريا قد واكب بشعره الحركة الوطنية الاستقلالية ذات النزعة الثورية حيث كان أكبر شاعر يدعو إلى الثورة ضد المحتل الفرنسي وذلك ما تشهد عليه قصائده الوطنية الثورية منذ الثلاثينيات وليس فقط في الأربعينيات ولا حتى في الخمسينيات حين اندلعت الثورة، وهي القصائد الثورية والأناشيد الوطنية التي يأتي في مقدمتها “فداء الجزائر روحي ومالي” ثم “قسما بالنازلات الماحقات”.

ولم يكن الشاعر مفدي زكريا مجرد شاعر فقط أو كاتب كلمات، بل كان من كبار المناضلين السياسيين إلى جانب مصالي الحاج زعيم حزب الشعب الجزائري صاحب النزعة الثورية الاستقلالية، بل إن مفدي زكريا تبوأ من المسؤوليات القيادية حتى أنه قد ترقى إلى أمين عام لحزب الشعب، كما أنه هو الذي قد كان يكتب الخطب الحماسية الثورية التي كان يلقيها الزعيم مصالي الحاج ويلهب بها حماس الجماهير، وهذا ما كلف الشاعر السجن مرات ومرات ولعدة سنوات قبل أن يتعرض إلى النفي والتشرد في أثناء الاحتلال وبعد الاستقلال.

إن الشاعر مفدي زكرياء لم يكن في حاجة إلى النشيد الوطني “قسما” لكي ينال كل هذه الشهرة، بل إن قيادة الثورة الجزائرية في العاصمة هي التي لجأت إلى مفدي زكرياء لكي يكتب للثورة نشيدها الوطني، ولو لم يكن مفدي أشهر من نار على علم ما كانت القيادة الثورية تستكتبه في النشيد الوطني قسما، فلقد كان في الجزائر شعراء كثيرون ولكنها قد فضلت مفدي زكرياء على غيره من الشعراء. يعد الشاعر الجزائري مفدي زكريا شاعر الثورة الجزائرية بدون منازع على الرغم من وجود شعراء ثوريين آخرين، وكان من الطبيعي أن يفتك مفدي زكريا لقب شاعر الثورة عن جدارة واستحقاق، ولم يكن لقب شاعر الثورة بالنسبة إلى مفدي زكرياء مجرد لقب سياسي بل هو لقب أدبي، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى إيمانه المطلق بالثورة بالقول وبالفعل بالإضافة إلى غزارة شعره الثوري والذي يمثله ديوانه الشعري “اللهب المقدس”.

ومن المفارقات العجيبة أن القيادة السياسية للجزائر بعد الاستقلال عندما قررت تغيير النشيد الوطني قسما، وقد حدث ذلك في زمن الرئيس أحمد بن بلة وليس في زمن الرئيس هواري بومدين، قد أعلنت مسابقة شعرية وفاز بها مفدي زكريا، وللتوضيح فإن التصحيح الثوري هو الذي يكون قد أنقذ النشيد الوطني من التغيير، وعليه فإن أحمد بن بلة هو الذي أراد أن يغير النشيد الوطني قسما وليس هواري بومدين.

إن القول بأنه لولا اللحن البديع للنشيد الوطني “قسما” لما اشتهر مفدي زكريا ليس صحيحا، بل إن الصحيح هو أنه لولا الكلمات القوية للنشيد لما جاء اللحن على تلك القوة، والأكثر من ذلك أنه لولا زكريا لما اشتهر الموسيقار محمد فوزي ملحن النشيد الوطني وهو الذي لم يكن يحظى بشهرة كبيرة في الوسط الفني المصري، حتى وإن كان هذا المطرب قد تربع على عرش السينما الغنائية المصرية، فإن الفضل كل الفضل يعود إلى الثورة التحريرية الجزائرية وإلى نشيدها الوطني “قسما”؛ حيث ظل محمد فوزي سجين “ماما زمانها جاية!!!…”.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top