السبت 11 مايو 2024

التحالف العسكري الصهيوني المخزني يتوسع رغم الإبادة بغزة

التحالف العسكري

الإعلان عن قرب افتتاح مصنع "الدرونات" الصهيوني بالمغرب إهانة لشعب المغرب واحتقار لضحايا غزة

ⓒ ح.م
  • مصنع "الدرونات" الصهيوني يفتتح قريبًا في المغرب
كاتب صحفي

لا يبدو أن المخزن المغربي بصدد التراجع أو حتى التريث في موضوع توسيع تحالفه العسكري الشامل مع الكيان الصهيوني المجرم، على الرغم من كل التطورات والجرائم المروعة التي يرتكبها جيش هذا الكيان الغاصب في غزة وفي فلسطين، والتي ترقى، بحسب جل المؤسسات الدولية، بما في ذلك محكمة العدل الدولية، إلى مصاف جرائم الإبادة الجماعية، وعلى العكس من ذلك، تشير التقارير الواردة إلى إصرار هذا النظام العميل، على توسيع دائرة التحالف والتعاون العسكري تحديدا مع الصهاينة، عبر جلب المزيد من الاستثمارات العسكرية الصهيونية داخل التراب المغربي، والمراهنة على التكنولوجيا العسكرية الصهيونية لردم الهوة الكبيرة في القوة بين الجيش العلوي والجيش الجزائري، والإصرار على تحول أرض المغرب إلى “مكب نفايات” للصناعات العسكرية الإسرائيلية، وفي مقدمتها صناعة “الدرونات” باعتبارها رأس حربة الكيان في اختراق منطقة المغرب العربي ومن خلالها كامل القارة الإفريقية.

وشكل إعلان الشركة الإسرائيلية “Bluebird” من خلال التصريح الذي أدلى به الرئيس التنفيذي للشركة، لصحيفة (زونا ميليتاري)، عن استكمالها إنشاء مصنع لصناعة الطائرات الإسرائيلية المسيّرة بالمغرب، وعن اقتراب افتتاح هذا المصنع الصهيوني فوق الأراضي المغربية قبيل أن يشرع في إنتاج هذا النوع من السلاح في المستقبل القريب، صدمة جديدة في الأوساط المغربية الرافضة لمسار التطبيع الخياني الذي تجاوز كل الحدود بين تل أبيب والرباط، خاصة وأن هذا الإعلان المستفز، يأتي في الوقت الذي تتواصل فيه جرائم الكيان الصهيوني الوحشية في قطاع غزة، من دون أدنى تنديد مخزني رغم أن تلك الجرائم روعت العالم كله، وجعلت من الكيان الغاصب دولة مارقة ومعزولة في العالم، كما يأتي هذا الإعلان الاستفزازي تحديا للشعب المغربي نفسه، حيث تتصاعد حدة المظاهرات الشعبية المناوئة لجرائم الاحتلال في غزة، مع المطالبة بوقف مسلسل التطبيع مع الصهاينة الذي يسير في الاتجاه المعاكس تماما مع تطلعات الشعب المغربي.

واللافت في الإعلان الجديد هذا، أن المسؤول الصهيوني، أكد أن موضوع افتتاح مصنع الدرونات الصهيوني في المغرب، ليس سوى واجهة لمشاريع وصفقات كثيرة أخرى أبرمها المخزن مع جيش الكيان، بحيث تجعل تلك الصفقات من “إسرائيل” تنافس كلا من الولايات المتحدة وفرنسا، في توريد السلاح للمغرب، بما يجعل منها قوة حماية جديدة للمملكة التي تعيش على وقع الرعب المرضي الدائم من تنامي قوة الجارة الكبرى الجزائر.

ورغم هذا الإعلان الصهيوني بقرب الشروع في إنتاج الدرونات الإسرائيلية فوق الأراضي المغربية، إلا أن استمرار الحرب في غزة، والمخاطر الكبيرة المحدقة بالكيان سواء ما تعلق بحربه مع حزب الله في الشمال، أو دخول العامل الإيراني بشكل واضح هذه المرة في معادلة الردع، قد يؤثر بحسب مراقبين على التزامات الكيان بتوفير المكونات الإسرائيلية الصنع، لاستكمال هذا المشروع والدفع به نحو مرحلة الإنتاج في المغرب، لحاجة الكيان لتلك المكونات في المجهود الحربي، ومع ذلك فإن إصرار المخزن على استكمال مشاريعه الخيانية مع الكيان تحديدا، تفوق كل تصور، بحيث أنه مستعد لتمويلها بالكامل من أموال الشعب المغربي طالما أن الهدف الأكبر هو الجزائر، التي تؤرق كلا من المخزن والصهاينة، وتدفعهما بمواقفها المؤيدة لحق الشعوب في تقرير مصيرها، إلى الذهاب بعيدا في تحالفهما العسكري.

مركز “سترافور” يفضح المخزن

وفي الوقت الذي كان المخزن يحاول أن يظهر لشعبه المنتفض في الشوارع المغربية رفضا للتطبيع والجرائم الصهيونية في غزة، أنه يقوم بتقديم خدمات إنسانية للمحاصرين في غزة، من خلال الترويج لبروباغندا مفضوحة عن تسيير قوافل للإغاثة إلى شمال القطاع، وإنزال المساعدات عبر الجو أيضا، دون أن يشير بطبيعة الحال إلى أن كل ذلك ناتج عن تنسيقه العالي مع جيش الكيان، في محاولة للتغطية على حقيقة تعاونه وتواطؤه الخفي في قتل الفلسطينيين عبر إرسال العمال المغاربة للمستوطنات داخل الكيان، بل وإرسال حتى الجنود للقتال مع جيش الكيان ضد الفلسطينيين سرا، يأتي التقرير الأخير لمركز “سترافور” الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية، عن اتساع وتعمق العلاقات الدفاعية بين المغرب و”إسرائيل” في ظل استمرار حرب الإبادة في غزة، ليفضح بشكل كبير هذه الدعاية المخزنية، ويؤكد للمغاربة قبل غيرهم، أن نظامهم الحاكم ماض في سياسته الخيانية، وفي تحالفه الكامل مع أعداء الأمة، وأنه لا أمل في عودته إلى جادة الصواب إلا بثورة عارمة من شرفاء المغرب دفعا لهذا العار الكبير الذي يلحقهم.

وبالتوازي مع الإعلان عن استكمال مصنع الدرونات الصهيوني في المغرب، وقرب موعد بداية الإنتاج فيه، أكد المركز الأمريكي “سترافور”، أن المخزن ورغم جرائم الكيان في غزة، مصر على تعميق تعاونه العسكري مع جيش الكيان، وعلى الاستنجاد بـ”التكنولوجيا الإسرائيلية” في محاولة لبناء قاعدة صناعية عسكرية على الأراضي المغربية، هدفها الأول والأخير حسب الموقع الأمريكي دائما، هو اللحاق بالقوة العسكرية الجزائرية، علاوة على تحويل أرض المغرب إلى منطلق لتصدير الصناعات العسكرية الإسرائيلية في كامل إفريقيا، بغرض جذب أكبر قدر ممكن من الدول الإفريقية للطروحات المخزنية الصهيونية، والتي تتمحور بطبيعة الحال في تثبيت آخر احتلالين في هذا القرن، الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، والاحتلال الصهيوني لفلسطين.

تحويل المغرب إلى قاعدة صهيونية كبرى

وعلى غرار ما قامت به الولايات المتحدة، بجعلها الكيان الصهيوني قاعدة عسكرية أمريكية ضخمة في الشرق الأوسط، يسعى الصهاينة باتفاق مع المخزن منذ تطبيع العلاقات بينهما عام 2020، إلى تحويل المغرب الشقيق إلى قاعدة عسكرية صهيونية كبرى في شمال إفريقيا بل وفي كل القارة السمراء، عبر هذا الكم الهائل من الاتفاقيات العسكرية بين الجانبين، والتي تجاوزت بكثير كل ما كان متوقعا بينهما، كما تجاوزت بكثير مجمل اتفاقيات التطبيع سواء الابراهيمية منها، أو التقليدية القديمة، التي جمعت الكيان بعدد من الدول العربية “المطبعة”، بما في ذلك مستوى التحالف الصهيوني مع الإمارات العربية نفسها.

وتشير التقارير العسكرية الغربية المختلفة، بما في ذلك التقرير الأخير لسترافور، إلى أن التحالف والتعاون العسكري الصهيوني المخزني يتجاوز بكثير موضوع مصنع الطائرات المسيرة الذي تشرف عليه الشركة الإسرائيلية “بلوبيرد”، إلى شركات إسرائيلية أخرى كثيرة، بينها شركة “ألبيت” المنخرطة منذ العام الماضي، في تصنيع صواريخ ودبابات ومركبات مدرعة وطائرات انتحارية بدون طيار وغيرها، لتستكمل الصفقات الضخمة لشراء المخزن الأسلحة من الكيان وإنقاذ شركات التصنيع العسكرية الإسرائيلية من الإفلاس بسبب الحرب في غزة، على غرار إنقاذ أكبر شركة للصناعات الجوية الإسرائيلية المملوكة لدولة الكيان المالكة لنصف أسهم شركة “بلوبيرد” لصناعة المسيرات، أين وقع معها صفقة بنصف مليار دولار عام 2022، لشراء نظام الدفاع الجوي باراك أم إكس الإسرائيلي، لمواجهة الصواريخ والطائرات، إلى جانب نظام “سكاي هوك دوم” لمواجهة الدرونات، وأنظمة “سباي إكس”، وما لا يقل عن حوالي 160 طائرة مسيرة إسرائيلية الصنع أيضا، دون الحديث عن عشرات الاتفاقيات العسكرية الأخرى التي تشمل مجالات أخرى خاصة الاستعلام والدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.

وقد تعمق الحلف العسكري الخياني الفريد من نوعه في العالم العربي كله، مع تلك الزيارات المشؤومة التي قام بها مسؤولون عسكريون كبار من الجانبين الصهيوني والمخزني إلى كل من المغرب و”إسرائيل”، حيث يسجل التاريخ بكثير من الأسف زيارة الجنرال المغربي الفاروق بلخير المفتش العام السابق للقوات الملكية إلى الكيان في 12 سبتمبر 2022، والتي أدى فيها التحية العسكرية للنشيد الصهيوني الذي يدعو لإبادة العرب، كما يسجل أيضا الزيارات التي قام بها قائد جيش الاحتلال السابق أفيف كوخافي للمغرب والتي كانت الأولى من نوعها لقائد جيش الاحتلال لبلد عربي، والتي من بين ما كللت به، اعتماد ملحق عسكري إسرائيلي دائم في المغرب، بمثابة مندوب سام عسكري إسرائيلي متحكم في مجمل الصفقات والتحركات العسكرية بين البلدين، وقبله الزيارة المشؤومة لوزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس للمغرب في نوفمبر 2021، والتي كللت بالسماح للجيش الإسرائيلي باستخدام القواعد العسكرية المغربية بما فيها القواعد الجوية.

الجزائر أقوى بكثير

ولا تثير هذه التقارير عن الارتماء الكامل للمخزن في الحضن الصهيوني سوى المزيد من الاحتقار في الأوساط العربية بمختلف توجهاتها، بما في ذلك الأوساط المطبعة نتيجة حالة “الفجور” في التطبيع الذي يمارسه المخزن اعتقادا منه أنه يمارس ذلك نكاية في الجزائر، بينما لا يحقق له ذلك الانبطاح سوى المزيد من الذل والرضوخ، في وقت لا تتزعزع الجزائر قيد أنملة عن مبادئها، ولا تزيدها مثل هذه المؤامرات الدنيئة سوى قوة على قوة، بتلاحم أكبر بين شعبها الكاره بالطبيعة للصهاينة وكل من حالفهم، وبين جيشها.

ورغم هذه السرعة الرهيبة التي يسير بها المخزن في تقديم المزيد من التنازلات للصهاينة سعيا منه للحصول على دعمهم العسكري وحمايتهم، إلا أن كل التقارير العسكرية الدولية، تشير بوضوح إلى الفرق الهائل في القوة بين الجيشين الجزائري والمخزني، حيث يواصل الجيش الجزائري تبوّء مراكز متقدمة جدا في ترتيب أقوى الجيوش العالمية (المرتبة 26 عالميا)، يتذيل جيش المخزن المحتمي بالتكنولوجيا الصهيونية ترتيب الجيوش القوية في العالم (المرتبة 61 عالميا)، وهو ما يؤكد ما بات معروفا اليوم للخاص والعام، وأكدته تصريحات مقربة من القصر الملكي نفسه، أبرزها ما أدلى بها الأمير هشام العلوي، ابن عم العاهل المغربي محمد السادس، من أن تطبيع المخزن مع الصهاينة جاء بسبب الرعب من القوة العسكرية الجزائرية أولا، من أجل أن يتولى الصهاينة الحفاظ على العرش العلوي المتهالك، وليس حماية للمغرب.

وبغض النظر عن حجم الفارق الهائل في القوة العسكرية بين المغرب والجزائر، فإن مجرد ارتماء المخزن في أحضان الصهاينة لحمايته، يخصم من رصيده الشعبي داخل المغرب نفسه من بين رعايا المملكة الرافضين للتطبيع وللخنوع والسيطرة الصهيونية بحكم كونهم مسلمين، ويزيد في رصيد الجزائر داخل الجزائر والمغرب وكامل المنطقة العربية، ويجعلها بمبادئها الثابتة، علاوة على قوتها العسكرية المعروفة، غير قابلة للاختراق أو الهزيمة أو التراجع.

YouTube video

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top