الثلاثاء 14 مايو 2024

الخلفيات السياسية لمؤامرة “المخزن” و”الكاف” على الكرة الجزائرية

المخزن

على الذين استبدلوا اللعب النظيف بالكرة باللعب الوسخ بالخرائط أن يستعدوا للرد الجزائري

ⓒ ح.م
  • الجزائر بدأت معركة تحرير "الكاف" من عصابة "لقجع" كما حررت الاتحاد الإفريقي من عصابة "نتنياهو"
كاتب صحفي

كما كان متوقعا، نجحت الخطة الخبيثة (ولو مؤقتا)، التي حاكها ثعابين “الكاف” بقيادة المخزني الكبير فوزي لقجع، في منع إجراء مباراتي ذهاب وإياب الدور نصف النهائي لكأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بين فريقي اتحاد العاصمة ونهضة بركان المغربي، عبر استعمال الخطة الشيطانية المتعلقة بما بات يسمى بفتنة “الخريطة الوهمية” التي أقحمت فيها جهات المخزن أراضي الصحراء الغربية المتنازع عليها، ضمن خارطة مزعومة للمغرب على قمصان فريق نهضة بركان، في خطوة واضحة لإقحام السياسة في الرياضة، بتواطؤ كامل من “الكاف” المختطفة من لوبيات صهيومخزنية، قررت منذ تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرباط، التفرغ لمحاصرة الجزائر داخل القارة رياضيا، بعد أن هزمتهم شر هزيمة سياسيا خاصة بعد قرار الاتحاد الإفريقي طرد الكيان الصهيوني من عضويته كمراقب داخل الاتحاد.

وإذا كانت مجريات الأحداث قد بات يعرفها الآن الخاص والعام في كل العالم العربي وإفريقيا وربما العالم كله، بعد رفض نهضة بركان لعب مباراة الذهاب في الجزائر وإصرارها على اللعب بقميصها الذي أقحمت فيه خارطة وهمية للمغرب مع الصحراء الغربية، ثم رفض الاتحاد العاصمي لعب مباراة الإياب بالمغرب إثر تكرار المشكل نفسه هناك، ودخول “الكاف” كطرف داعم للفريق المغربي بدعوى أن القميص تم اعتماده من قبل، ولو من دون سند قانوني، وبالتالي منح نقاط المباراتين للفريق المغربي، في انتظار تسليط عقوبات على الفريق الجزائري وربما على كرة القدم الجزائرية عموما، كما أراد أصحاب المخطط الخبيث هذا، فإن ما سيترتب عن هذه المواجهة الفريدة من نوعها في تاريخ كرة القدم في العالم، التي اختلطت فيها السياسة بالرياضة بهذا الشكل المفضوح وغير المسبوق، خاصة مع إصرار الطرف الجزائري على الذهاب بعيدا في الدفاع عن مصالح الكرة الجزائرية في وجه مثل هذه المؤامرات المكشوفة التي تجاوزت حدها، عبر الذهاب إلى محكمة التحكيم الرياضي الدولي في سويسرا، سيكون له ما بعده؛ فالجزائر السيدة في قراراتها، لن تسمح لأي عصابة كروية أو سياسية مهما كان وزنها، أن تزعزع ثوابتها السياسية المعلنة وعلى رأسها الدفاع عن القضايا العادلة في العالم مثل قضيتي فلسطين والصحراء الغربية، علاوة على أن قوانين الفيفا ولوائح الكاف نفسها، تمنع بشكل واضح إقحام السياسة أو الشعارات السياسية في الرياضة، وخاصة في كرة القدم، وتشير بوضوح إلى “منع استخدام الخرائط والصور للدول أو تعطي الانطباع بذلك”، وإلى “منع استعمال أي رموز سياسية أو دينية أو ما يميز بين أي بلد أو شخص أو مجموعة بسبب العرق والدين والسياسة”، وإلى أن “الإعلانات المرخصة على القمصان هي فقط تلك المسموحة من البلد المحتضن للمباراة والمتوافقة مع قوانين الكاف الخاصة بالقمصان”، كما تشترط (الكاف) على الفريق الزائر أن “يأخذ معه نوعين من البدلات (الطاقم)، بحيث لا تحتوي البدلة الثانية على أي إشهار أو دعاية”، وهو ما لم يحترمه الفريق المغربي، الذي دخل هذه المنافسة غير الشريفة مع اتحاد العاصمة الجزائري، منذ البداية بنية الفوز على الاتحاد من خلال لعبة الكواليس التي ضمنها داخل الكاف المختطف، وليس عبر لعب كرة القدم لإدراكه صعوبة المأمورية كرويا أمام حامل لقب النسخة الماضية.

امبراطورية الحشيش المغربية و”شكارة” لقجع

لا يمكن فهم ما يحصل اليوم داخل “الكاف” المختطفة من طرف اللوبي الصهيو مخزني، إلا بفهم الأدوات القذرة التي قرر المخزن منذ سنوات طويلة استخدامها لمواجهة الجزائر في جميع المحافل الدولية، على خلفية الصراع المحتدم حول قضية الصحراء الغربية، والتي تجاوزت حكاية الاستعانة بالصهاينة والمحافل الماسونية العالمية، إلى حد النزول إلى استعمال “شكارة” أموال الحشيش والمخدرات التي يرتكز عليها نظام المخزن في البقاء في الحكم، عبر تشجيع هذا النوع من الزراعة والتجارة الدولية الممنوعة في كل العالم، وقد كشفت فضائح الفساد والرشاوى التي تورط فيها جهاز مخابرات المخزن مع نواب في الاتحاد الأوربي وغيرهم في ما بات يعرف بفضيحة “ماروك غيت”، أن أموال الحشيش والمخدرات لا يتم صرفها لشراء السياسيين في مختلف أنحاء العالم فقط، بل إن تلك الأموال يتم صرفها أيضا لمعاكسة مصالح الجزائر في كل المجالات الأخرى، بما فيها الفن والإعلام والرياضة على الخصوص.

ويبرز هنا الدور الوسخ للرئيس السابق لفريق نهضة بركان، المدعو فوزي لقجع، الذي تشير المناصب المتعددة والمريبة التي يتولاها حاليا، باعتباره رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعضو مجلس “الفيفا” وكذا عضو المكتب التنفيذي لـ”الكاف”، يضاف إلى كل ذلك منصبه السياسي الحساس كوزير للمالية في حكومة المغرب، بما يشير بشكل لا لبس فيه، إلى حصوله على ضوء أخضر من أعلى هرم الحكم في المملكة، أي من الملك محمد السادس شخصيا، لاستعمال أموال الدولة (باعتباره وزيرا للمالية)، وأموال الحشيش (باعتباره متورطا في كل فضائح الحشيش بما فيها فضية إسكوبار الصحراء المدوية)، من أجل إخضاع الكاف للأجندة السياسية المخزنية، والتي على رأسها الإضرار بمصالح وسمعة كرة القدم الجزائرية ومنعها بكل السبل من بسط نفوذها في القارة.

وقد كشفت فضيحة تاجر المخدرات المالي (إسكوبار الصحراء) التي تفجرت داخل المملكة قبل عدة أشهر، مدى تورط الفرق المغربية لكرة القدم في تبييض أموال المخدرات واستعمالها للحصول على الألقاب داخل القارة السمراء، إلى جانب افتضاح أسماء سياسية ورياضية كبرى داخل المملكة ورد في تحقيقات هذه القضية – الفضيحة، والتي كان على رأسها فوزي لقجع شخصيا، إلا أن علاقات هذا الشخص ونفوذه خاصة على مستوى الأسرة المالكة، جعلته يخرج من الفضيحة كالشعرة من العجين، ليواصل لعبة ضخ أموال الحشيش التي يتم تدويرها عبر مؤسسات الدولة المالية التي يشرف عليها بالطبع، داخل هيئات الكاف ومسؤوليها والتي خلفت العديد من الفضائح التي خرج بعضها للإعلام وتم التكتم على معظمها، لكنها في النهاية تمكنت من السيطرة على الكاف وشراء الكثير من الذمم، عبر فتح حسابات للكثير من مسؤولي الهيئة في الرباط، ومنحهم فللا واستثمارات ضخمة داخل المملكة، إلى جانب محاصرة بعضهم بالصور الفضائحية والابتزازات الجنسية، حتى يكونوا بالنهاية طوع أوامر القصر الملكي.

لقد تجاوز لقجع بفضل “شكارة الحشيش” التي في جعبته، بكثير، دور ومكانة باتريس متسيبي رئيس الكاف نفسه، بعد الصفقات المالية الضخمة التي أبرمها هذا الأخير داخل المغرب، كما أن علاقاته بألفانتينو رئيس الفيفا لا تخلو من علامات استفهام أيضا، بالنظر إلى الأطراف الدولية “المريبة” التي تدعم توجهات المخزن الخيانية على المستوى السياسي العالمي، والأمر نفسه ينطبق على الأعضاء الـ 24 المعنيين بالتصويت داخل الكاف، وهي الأمور الخفية التي أدت في النهاية بطريقة أو بأخرى، إلى حصول المغرب على تنظيم بطولة كأس إفريقيا 2025 على حساب الجزائر رغم الفرق الهائل بين الهياكل والمنشآت الرياضية الجزائرية الضخمة مع نظيرتها المغربية المهترئة والتي قد لا تكون جاهزة لهذا الموعد أبدا، إلا أن منطق “الشكارة” الذي انتهجه المخزن في صراعه مع الجزائر، نجح لحد الآن في كسب الجولة الأولى من هذه المواجهة، إلا أن انكشاف كل هذه الأوراق أمام الجزائر والعالم سيجعل بالتأكيد من نتيجة هذه المواجهة في النهاية شيئا آخر تماما.

التحالف الصهيومخزني بغطاء الكرة

غير أن الجانب المالي المتعلق بامبراطورية الحشيش وتدوير أموال الفساد واستعمالها في هذه الحرب القذرة، لم يكن وحدها ليوصل الأمور إلى هذا الحد من التعفن داخل أروقة الكاف، لولا وجود عامل أكبر من ذلك، وهو دخول المخزن في حلف صريح وعلني مع الصهاينة ودوائر الماسونية العالمية التابعة لهم، في هذه المعركة ضد الجزائر، للاستحواذ على الكاف، ضمن معركة أوسع هي السيطرة على كامل هياكل الاتحاد الإفريقي، قبل أن تنتهي قبل مدة قصيرة بهزيمة مذلة للمخزن و”إسرائيل” عقب فرض الجزائر وجنوب إفريقيا منطقهما في هذه المواجهة، وطرد الكيان من عضويته كمراقب داخل الاتحاد الافريقي.

إلا أنه ومنذ هذه الصفعة التي تلقاها الكيان في الاتحاد الإفريقي من طرف الجزائر، لوحظ أن حجم التحالف الصهيوني مع المخزن قد تضاعف أكثر داخل القارة، وتحديدا داخل أروقة الكاف، من أجل الانتقام من الجزائر ومن مواقفها الثابتة، ليكون الهدف الأكبر هو طرد الجزائر بمختلف فرقها الرياضية والكروية من مختلف المنافسات القارية والدولية.

وقد لوحظ بشكل لا يقبل الشك، أن مؤشرات الحملة بدأت مبكرة منذ العام 2017 خاصة مع عملية التخلص من الاسم الجزائري القوي داخل المكتب التنفيذي للكاف محمد روراوة، قبل أن تتضح بعدها بحرمان دولة الصحراء الغربية من عضويتها في الكاف، بتمرير قانون منع عضوية أي اتحاد إفريقي في الكاف، إن لم تكن دولة ذلك الاتحاد عضوا في الأمم المتحدة، خلال الجمعية العامة للكاف يوم 21 مارس 2021 في الرباط، واتضح أكثر من خلال حرمان الجزائر من تنظيم بطولة كأس إفريقيا عام 2025، ومنحها للمغرب رغم أن الهياكل الرياضية الجزائرية أفضل بكثير من نظيرتها المغربية، وقد قام لقجع في تحدي لكل لوائح الكاف والفيفا بإعلان ذلك علانية قبل الإعلان الرسمي أمام البرلمان المغربي، ثم لتكتمل بمنح المغرب العاجز عن تنظيم كأس إفريقية في المستوى، شرف تنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، كرشوة من الدوائر الصهيوماسونية للمخزن على قيامه بالتطبيع مع الكيان، وفي محاولة للعبث بالوعي الشعبي المغربي عبر تغييبه بمخدر الكرة إلى جانب مخدر الحشيش، حتى لا ينتبه للمخططات الخبيثة التي تستهدفه كشعب مسلم من طرف الصهاينة الذين يتمددون في مستوطنات على أرضه، ومن طرف نظامه الخائن أيضا.

القضية أكبر من اتحاد العاصمة

إلا أن وصول الأمور إلى هذا الحد السافر من التآمر مع قضية “قميص لقجع” والخارطة الوهمية التي يراد من خلالها ليس فقط إقصاء فريق جزائري عريق بحجم اتحاد العاصمة بتاريخه وألقابه، وإنما ضرب وإقصاء الكرة الجزائرية كلها في القارة السمراء وحتى في المنافسات الدولية المتعلقة بالفريق الوطني، يخرج الأمور تماما هذه المرة من سياقها الرياضي، إلى حدود خطيرة للغاية ستكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على علاقات البلدين المقطوعة أصلا منذ العام 2021، وإنما للأسف حتى على علاقات الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي، كما تريد الخطة الصهيومخزنية بالضبط، بحيث يكون من الصعب إصلاحها مستقبلا، خاصة وأن الخطة الخبيثة استهدفت إثارة النعرات الوطنية الشوفينية لدى المغاربة بتحريك موضوع “الوحدة الترابية” المزعوم، بينما حاولت في الجهة المقابلة المساس بموضوع “السيادة” لدى الجزائريين، وحقهم الثابت في الدفاع عن قضاياهم العادلة وفي مقدمتها فلسطين والصحراء الغربية.

إن مؤامرة “الكاف” اليوم ضد اتحاد العاصمة، وبعد أن أخذت كل هذا الزخم الإعلامي العالمي، قد تجاوزت بكثير الأطر الرياضية المعقولة، وتداعياتها ستكون أكبر بكثير من المسرحية التي قام بها المغاربة في أثناء انطلاق البطولة الإفريقية للمحليين في جانفي من العام الماضي، ومحاولتهم المفضوحة فرض فتح المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المغربية رغم القرار السيادي الجزائري بإغلاق الأجواء مع المغرب، ولا نعتقد أن الأمور ستتوقف عند ما ستصدره محكمة “التاس” الدولية التي لجأت إليها الجزائر، خلال أسبوعين أو ثلاثة، وإنما ستكون المواجهة الكبرى من الجزائر لتحرير “الكاف” من عصابة لقجع ومن يقف وراءه، واعتبارها قضية تمس بالأمن القومي الوطني، لأنها تستهدف إلحاق الأذى بنفسية الشباب الجزائري، وتشكيكه في مؤسساته الرسمية.

إن الجزائر السيدة في قراراتها، لا يمكن أن تقبل بسياسة لي الذراع التي باتت تمارسها هيئة كروية قارية مختطفة أو غيرها، ولو تعلق بقوى دولية عظمى، حيث سبق للرئيس تبون أن أكد على هذا المعنى عندما قال بصريح العبارة “لا توجد قوة في العالم تستطيع الضغط على الجزائر”، والرئيس هنا يقصد أي قوة ولو كانت في مستوى الدول العظمى بكل إمكاناتها، فكيف إذا تعلق الأمر بدولة مثل المغرب فاقدة للسيادة، أو هيئة كروية اختطفتها عصابة من تلك الدولة؟.

إنها قضية شرف وسيادة، قبل أن تكون قضية كأس أو بطولة كروية؛ فالجزائر مستعدة أن تخسر كؤوس الكرة ولا تخسر سيادتها، وأن تخسر بطولات الكرة، ولا تخسر بطولة الوقوف إلى جانب المظلومين في فلسطين والصحراء الغربية، وما على الذين استبدلوا اللعب النظيف بالكرة باللعب الوسخ بالخرائط إلا أن يدركوا ذلك جيدا، ويستعدوا للرد الجزائري بجميع أشكاله وأدواته.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top