الاثنين 20 مايو 2024

اللهم أحقن دماء إخواننا في غرداية

ⓒ 3284-1739

 ارتفعت حصيلة المواجهات التي اندلعت بغرداية خلال 84 ساعة الأخيرة إلى 22 قتيلا وإصابة 200 فرد بجروح في أوساط المدنيين ومصالح الأمن، وهو ما استدعى تدخل الجيش نظرا لخطورة الوضع، في الوقت الذي تجهل الجهة المتسببة والمستفيدة من توتر الوضع من جديد، حيث حذّر متتبعون للشأن الأمني من انتقال الاضطرابات إلى ولايات أخرى، وهو ما يستدعي وأد الفوضى من خلال اللجوء إلى الخيار الأمني مرفوقا بحلول أخرى يقتنع بها المجتمع الغرداوي، في حين اتهم محللون وأحزاب سياسية السلطة بضلوعها في زرع الفوضى قصد إلهاء الرأي العام عن الوضع الخطير والمتأزم سياسيا واقتصاديا للبلاد، مؤكدة أن القضية أكبر من أن تكون انزلاقا أمنيا.

   ويأتي هذا التطور الخطير الأخير باستعمال الأسلحة النارية في المواجهات، بعد تدخل وزير الداخلية منذ أيام قلائل من خلال تنصيب لجنة وزارية مشتركة للبحث في الأزمة ومحاولة حلحلتها بمشاركة أعيان غرداية، الذين طلبوا من بدوي تجسيد وعده بالتصدي بكل قوة لأعمال العنف ومثيريها والمحرضين عليها، لأن التواجد الأمني الكبير في غرداية لم يوفر الأمن للسكان.

 “الاقتتال” بين الجزائريين أخطر شيء يخدم بعض الأطراف المجهولة

 وفي هذا الصدد، قال المتتبع للشأن الأمني أحد ميزاب في تصريح لـ “الإخبارية”، إن الوضع الغردواي خلال 48 ساعة الأخيرة أخذ منحا خطيرا نظرا لسقوط أكثر من 22 قتيلا من صفوف المدنيين والأمن ومئات الجرحى، مما يدفع للتساؤل حول هوية المستفيد من تدهور الأوضاع، لأنه ليس من المعقول أن يفتعل ذلك الإباضيين أو العرب المالكيين، خاصة وأن هناك قتلى من الطرفين، على حد تعبيره.

 وحذّر ميزاب من خطورة ما يحدث في غرداية التي عبر عن أحداثها بـ “الاقتتال” بين الجزائريين، على اعتبار أن الهدف ليس في حدود الولاية ذاتها وإنما قد يشمل ولايات أخرى، وهو ما يستدعي التحلي بوعي والحذر مما قد سيحدث لا حقا، مع تغليب “لغة العقل والحكمة” والتي من الصعب التحلي بها بجدية في ظل التطورات الأمنية المتسارعة، مردفا قائلا “ليس من السهل التعقل في هذه الحالة لكن يجب ذلك إذا استمر تفاقم الأوضاع، لأن الأمر لن يتوقف في غرداية بل سينتقل إلى مناطق أخرى مما ينجر عليه تداعيات أخرى لم تكن في الحسبان قد تجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه”.

 أكد الخبير الجيواستراتيجي الأمني، أنه يجب البحث في الأسباب والحلول للتحرك من أجل تهدئة الأمور، لأن المجتمع الغرداوي عاش أكثر من 11 قرنا دون فتنة، ولا يعقل أن تكون الطائفية هي السبب الوحيد للأزمة، وفيما يخص الحياة غير العادية بالولاية بانتشار عربات وأعوان الأمن في الشوارع، قال ميزاب “الذي يتجول في شوارع غرداية العاصمة أو في مناطق بريان والقرارة وغيرها، يلاحظ أنه لا وجود لعربات الجيش أو ما شابه ذلك، بل أن عناصر الشرطة تتواجد في عين المكان حفاظا على الأمن أو اندلاع مناوشات، وتدخل مصالح الدرك الوطني في حال حدوث تجاوزات بصفة مؤقتة”.

 وفي رده حول معالجة الدولة للأزمة السالف ذكرها، أكد محدثنا أنها لا تغلب الحل الأمني مراعاة لخصوصية المنطقة، لكن تطورات 48 ساعة تستدعي الذهاب للحل الأمني مرفوق بحل يتبّناه المجتمع الغرداوي نفسه، حيث تابع “المشكلة لن تحل من جانب أمني أو قرار سياسي، بل حلها يعود إلى اقتناع الغرداويين بالحل الأمثل، على اعتبار أن إصدار قرارات أو قوانين لن يحل الملف دون قناعة أطراف الأزمة، فالحل الشامل مرفوق بآليات أمنية يحمي غرداية من استغلال بعض الجماعات الإجرامية المسلحة للمساحات الأمنية عند حدوث أي انزلا قات، لذلك فسد الثغرات الأمنية يعبد الطريق لاعتماد حلول أخرى على مختلف الأصعدة”، أما عن دور المجتمع المدني، شدّد ميزاب على أنه غائب ولا يمكن الحديث عنه، لأنه كان الأجدى منه تحذير الجميع قبل حدوث أي طارئ، ولو كان موجود لما انزلقت الأمور إلى هذا الحد، مؤكدا أن الوضع يفرض تدخل الدولة بكل ثقلها لأنه لا يوجد حل في غيابها.

 نهاية الأزمة في غرداية تفتح المجال لافتعال السلطة أزمات أخرى

 ومن جهته، أكد المحلل السياسي، إسماعيل معراف، أن ما حدث ولا يزال يحدث في غرداية قضية سياسية، على خلفية أن النظام الحالي رفض اعتماد تنمية حقيقية بالمنطقة وعلى كل المستويات، بما فيها السياسية من خلال إشراك القوى السياسية بالولاية، مؤكدا أن النظام بمعالجتها الملف أمنيا، يقصد توتير الأوضاع أكثر مما عليه، بهدف إلهاء الرأي العام عن الوضع المتأزم للبلاد على مختلف الأصعدة، وفي الشأن ذاته، أوضح إسماعيل معراف لـ “الإخبارية”، أن هناك إمكانيات كثيرة لحل الأزمة الغرداوية من خلال إشراك كل الفاعلين وأطراف الأزمة، من أعيان وأحزاب سياسية، إلا أن النظام ـ يضيف ـ يمارس التضييق عليها لأن هناك نية مبيتة منه في إثارة الفوضى والقلق للهدف المذكور سلفا، في غياب الجدية في معالجة المسـألة نهائيا.

 وفي حديثه عن الأحداث الأخيرة التي خلفت قتلى وجرحى، أشار محدثنا أنه لا يوجد “اقتتال”، حيث أكد أن الحديث عن ذلك “خطأ”، مردفا قائلا “يوجد توترات في المنطقة في غياب حلول للأزمة، التي لا تسعى السلطة لإنهائها تماما، وفي حال تم حلحلتها فإنها تسعى لاختلاق أزمات أخرى، لأن بقاءها مرهون بما يقع في الشارع، نتمنى أن يحدث ربيعا على الطريقة الجزائرية في ظل الوضع السيئ جدا والأزمة الاقتصادية الخانقة والسياسية الممتدة من أعلى هرم من السلطة من أجل عودة الأمور إلى نصابها، لأن البلد ليس في الإطار الصحيح”، وشدد معراف على ضرورة معالجة أي مواضيع وخاصة الحساس منها، في إطار الديمقراطية السياسية، حفاظا على الوحدة الوطنية التي تستدعي قطع الطريق أمام أي محاولة لجر البلاد إلى مستنقع الدم والخراب من جديد، حسب محدثنا.

 

 

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top