الأحد 12 مايو 2024

غضب بمواقع التواصل.. مصر ترد على إثيوبيا بدعوة المصريين لترشيد استهلاك المياه

ⓒ 65f67a7987fbf7bd1a522598188fe7f1

بانتقال أزمة سد النهضة الإثيوبي وتداعياتها إلى الداخل، يبدو أن ما يخشاه المصريون قد وقع حيث تراجع النقاش حول طرق مواجهة أديس أبابا وإمكانية فرض الشروط المصرية، وانشغل المصريون بمطالبة السلطة لهم بترشيد استخدام المياه وتهديدها بتغليظ العقوبة على المخالفين، وهو ما دفع البعض لتذكّر تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي عن أزمة مياه محتملة قبل سنوات.

وبمزيد من الخوف والكثير من التساؤلات وحتى النقد والسخرية، يستقبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات الحكومة المصرية حول ترشيد استخدام المياه، والتي تبعتها تصريحات مماثلة من برلمانيين وسياسيين ومسؤولين تنفيذيين، فضلا عن وسائل الإعلام التابعة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وقبل يومين طالب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بضرورة التوسع في استخدام الأدوات الموفرة للمياه، والعمل على تغليظ العقوبات على الإسراف في استخدام المياه.

وقال مدبولي خلال اجتماع حضره وزراء الري والموارد المائية والإسكان والزراعة، إنه يجب ترشيد استهلاك المياه بسبب حجم التحديات التي تواجه مصر في قطاع المياه، مؤكدا أن ذلك “يفرض علينا ضرورة العمل على تحقيق وفر حقيقي في كميات المياه المستهلكة”.

نغمة واحدة
وفيما يبدو أنها نغمة واحدة تدفع بالحديث عن أزمة المياه إلى الداخل المصري، تحدث برلمانيون وسياسيون ومسؤولون وإعلاميون عن ضرورة ترشيد المصريين استهلاكهم من المياه، فمن جهته أكد النائب أشرف رحيم، عضو مجلس النواب، ضرورة فرض عقوبة مغلظة على المسرفين في استخدام المياه حتى يتم ترشيد الاستهلاك وضبط سلوكيات المواطنين في استخدامهم للمياه وعدم إهدارها، مشددا على “ضرورة أن يعي كل شخص قيمة المياه في ظل معاناة مصر من الفقر المائي”.

وفي تصريحات للصحف المحلية اليوم الأحد، قال رحيم إن هناك مواطنين يستخدمون المياه في الشوارع بكميات غزيرة دون داع، في وقت تحتاج فيه مصر للحفاظ على كل قطرة ماء.

بدوره طالب راغب إسماعيل مصطفى مساعد رئيس حزب الوفد بحملات توعية حول ضرورة الحفاظ على المياه وعدم إهدارها، مؤكدا أن الفترة القادمة تتطلب زيادة ثقافة المواطنين بأهمية الحفاظ على المياه.

ولفت مصطفى إلى أن هناك ممارسات سيئة عديدة تؤدي إلى إهدار المياه يجب وضع حد لها خصوصا في ظل أزمة سد النهضة وعدم التوصل لنتيجة نهائية مع الجانب الإثيوبي، مبينا أن الحفاظ على المياه وعدم الإسراف حثت عليه الأديان السماوية.

ووفقا للصحف المحلية، فقد شدد مصطفى على أن أزمة نقص المياه تتطلب تكاتف الجميع وعدم التعويل على الحكومة فقط، داعيا وسائل الإعلام إلى المشاركة الفعالة في حملات التوعية.

في السياق ذاته، أوضح رئيس الشركة الحكومية لمياه الشرب ممدوح رسلان أن حجم الإنتاج اليومي من المياه يبلغ نحو 30 مليون متر مكعب تقريبا من كافة المحطات العاملة بالمحافظات، موضحا أن استهلاك مصر من مياه النيل لأغراض الشرب والاستخدام المنزلي والخدمات يٌقدر بنحو 10 مليارات متر مكعب سنويا.

ولفت رسلان إلى أن هناك بعض الممارسات السلبية التي تؤدي لفقد نسبة من المياه المنتجة، بعضها يتعلق بسلوكيات خاصة من المواطنين مثل رش المياه بالشوارع وغسيل السيارات بالماء، مشيرا إلى أن غسيل سيارة واحدة يؤدي لهدر مياه تقترب من نصف متر مكعب من المياه.

خطط حكومية
خطط الحكومة المصرية لمواجهة أزمة المياه لم تقتصر على ترشيد استخدام المياه وتغليظ العقوبة على المسرفين، حيث أوضح وزير الإسكان عاصم الجزار أن هناك خطة للتوسع فى إنشاء محطات لتحلية مياه البحر بالمحافظات الساحلية، وكذلك التوسع في المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحى، واستخدامها فى الأغراض المخصصة لذلك.

وخلال اجتماع حكومي لمناقشة خطة مواجهة أزمة المياه، شدد وزير الإسكان على ضرورة التوسع في استخدام قطع المياه الموفرة، سواء في المنازل أو الجهات الحكومية والمجتمعية من أجل منع الإسراف في استخدام المياه.

حديث وزير الإسكان يبدو أنه يأتي في إطار خطة وضعتها الحكومة المصرية استباقا لفشل مفاوضات سد النهضة، ففي أبريل/نيسان 2019 وخلال مؤتمر أسبوع المياه بالعاصمة اللبنانية بيروت، أعلن وزير الري محمد عبد العاطي عن خطة قومية للمياه في مصر لمواجهة نقص المياه في البلاد بتكلفة 50 مليار دولار تستمر حتى 2037.

وفي يونيو/حزيران 2019 نشرت صحف محلية خطة وزارة الإسكان للتوسع في محطات تحلية مياه البحر خلال السنوات الخمس القادمة، ضمن خطة ترشيد المياه وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة.

وتضم تنفيذ وتطوير 47 محطة تحلية مياه البحر بطاقة إجمالية 2.44 مليون متر مكعب في اليوم، وتكلفة مقدرة بـ45.18 مليار جنيه (الدولار يساوي 16 جنيها).

أزمة محتملة
الترويج الحكومي والإعلامي لخطط الترشيد وتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف، دفعت البعض لإعادة التذكير بحديث سابق للسيسي حول أزمة المياه المتوقعة وكأنه كان يعرف المصير الذي ستؤول إليه الأمور، رغم أن كثيرا من المصريين خصوصا من مؤيدي السلطة كانوا يعتقدون بأن السيسي قادر على إيقاف إثيوبيا، بل ذهب بعضهم إلى حد توقع أنه سيوجّه ضربة عسكرية لهدم السد.

ففي يناير/كانون الثاني 2018 أكد أن مصر تقوم بأكبر مشروع لتحلية مياه البحر والمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحي، مؤكدا أن ذلك يأتي لمواجهة “أزمة محتملة” لم يفصح عنها، مؤكدا أنه لن يسمح بوجود أزمة مياه في مصر.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 قال رئيس الوزراء إن الحكومة المصرية نفذت بتكليف من السيسي العديد من المشروعات على الأرض لوضع رؤية إستراتيجية للمياه لحين عام 2037. وأضاف مصطفى مدبولي في كلمة أمام مجلس النواب أن الخطة عكف عليها خبراء من خيرة عقول مصر لإدارة موارد المياه، مع أخذ الزيادة السكانية واحتياجات مصر من المياه في الاعتبار.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن تكلفة هذه الخطة التي بدأ تنفيذها بالفعل بلغت 900 مليار جنيه، وتشمل التحول إلى الري الحديث في الزراعة، ومعالجة مياه الصرف، والتوسع في محطات تحلية مياه البحر أو المياه الجوفية.

وأكد مدبولي أنه خلال أقل من 3 سنوات تم تنفيذ مشروعات من الخطة بقيمة 110 مليارات جنيه، وأنه خلال أقل من عامين سيتم الانتهاء من محطات تحلية للمياه بقيمة 160 مليار جنيه تتحملها مصر، لسد الاحتياجات من المياه ومراعاة الزيادة السكانية.

ولفت إلى أن وزارة الإسكان بدأت في إنشاء ورفع كفاءة كل محطات معالجة الصرف الصحي وتحويلها إلى معالجة ثنائية وثلاثية بتكاليف 30 مليار جنيه، ومن المقرر الانتهاء منها قبل نهاية العام المالي الحالي لنصل لتطوير نحو 60 محطة أغلبها في الصعيد.

وأوضح أن تكاليف هذه الخطة تحملتها الدولة المصرية تأكيدا لـ”حسن نواياها ولنؤكد لأشقائنا في دول حوض النيل أننا مستعدون لتحمل ذلك لكي ينفذوا مشروعات ويساهموا في تنميات شعوبهم”.

وقال رئيس الوزراء “إننا نجري ونسابق الزمن لتوفير احتياجاتنا من المياه ليس من أجل الأجيال الحالية فقط لكن من أجل المستقبل أيضا”.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top