الأحد 19 مايو 2024

استقالة أحمد عظيمي وانسحابه من حزب طلائع الحريات

ⓒ FB_IMG_1595024669932

قدم اليوم الجمعة، أحمد عظيمي، استقالته من طلائع الحريات، معلنا انسحابه من الحزب، وذلك من خلال رسالة وجهها إلى عبد القادر سعدي، رئيس الحزب بالنيابة.

وجاء في نص الرسالة، “وجهت اليوم رسالة انسحابي من الحزب ومن كل هيئاته إلى السيد عبد القادر سعدي، رئيس الحزب بالنيابة، وعليه فإني أتوجه إليكم جميعا بهذه الرسالة، وعبر هذا الفضاء الافتراضي، لأوضح لكم أسباب ومسببات هذا الانسحاب الذي قد يفاجئ الكثير منكم”.

وأضاف عظيمي في نص الرسالة “لقد بدأت معارضتي العلنية للسلطة السياسية منذ 2010، وكان اختياري لمنهج المعارضة السياسية نابعا من قناعة تامة بانحراف تلك السلطة، التي أطاح الحراك المبارك برؤوسها، عن الخط الوطني وباختيارها لطريق مضر بمستقبل الدولة الوطنية وأمنها واستقرارها. وقد كنت أول من كذَب، عبر قناة الأطلس الموءودة، مقولة الرجل المنقذ الذي جاءنا بالأمن والاستقرار؛ كما كنت من أول المعارضين الذين نددوا، عبر قناة المغاربية، بالتدخل السافر لشقيق الرئيس في شؤون الحكم، وكان من بين ما قلته وقتها: “إني أتعجب لأمر وزراء وولاة ينفذون أوامر رجل لا صفة له سوى أنه مستشار الرئيس”.

وأضافت الرسالة “وعليه، فعندما اتصل بي السيد علي بن فليس، سنة 2013، ليدعوني لزيارته في مكتبه للمحاماة بحي شعباني، حيث أخبرني بأنه سيترشح للرئاسيات، طالبا مني دعمه في مسعاه، كان تعليقي على كلامه هو: “وهل تعتقد بأن بوتفليقة لن يترشح؟” وأخبرته بأن كل المؤشرات تقول بأنه سيترشح وبأنه لن يترشح إلا ليفوز؛ وأنهينا اللقاء بوعد مني بأني سأدعمه بكل ما أملك من طاقة وقدرة على التجنيد ومهما كان قرار الرئيس المريض”.

وتابع إحمد عظيمي “بعد أشهر من هذا اللقاء الأول، أعلن الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، من وهران، عن ترشح بوتفليقة، وفي اليوم التالي زرت السيد علي بن فليس في مكتبه حيث سألته ما إذا كان لازال مصمما على موقفه، فكان جوابه أنه لن يتراجع عن الترشح، فأكدت له ثانية مساندتي له رغم قناعتي التامة بأنه لا يملك أي حظ أمام “الرئيس المترشح”، الذي كان اتخذ قبل ذلك عدة قرارات وأجرى تغييرات على رأس بعض المؤسسات منها المجلس الدستوري”

وأفاد “بعد هذا مباشرة وتعليقا على ترشح بوتفليقة، قلت، في مداخلة لي على قناة المغاربية، بأنه “لو عاد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام للحياة وترشح للرئاسيات فإن كل المواطنين سينتخبون عليه لكن بوتفليقة هو الذي سيفوز”.
بعد أسبوع من هذا التصريح، وعلى إثر إعلاني، عبر وسائل الإعلام، بأني أساند السيد علي بن فليس، سألني السيد سليم صالحي، في مداخلة لي على قناة المغاربية، لماذا أساند السيد علي بن فليس بينما سبق لي أن أعلنت بأن بوتفليقة هو من سيفوز حتى ولو ترشح أمامه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام؟ وكان جوابي: إن الأمر، بالنسبة إلي، يتعلق بالقيام بحملة انتخابية نفضح من خلالها هذا النظام الفاسد الذي يحكم بلدنا”.

وواصل عظيمي سرده لما جرى قائلا “كان التحاقي إذن بالحملة الانتخابية للسيد علي بن فليس هو التحاق معارض وجد فرصة للقيام بحملة ضد سلطة فاسدة لا أكثر ولا أقل. لم يكن لدي أدنى اقتناع بإمكانية فوز المرشح الذي أسانده لأن الأعمى وحده من لم يكن يشاهد كل الاحتياطات التي اتخذتها السلطة لضمان نجاح الرجل المريض. انتهت الانتخابات بالنتيجة التي أرادتها السلطة القائمة، وبدأنا نتعرض للتضييق في كل مجالات الحياة، كما أغلقت في وجوهنا معظم وسائل الإعلام الوطنية العمومية منها والخاصة، وسعوا حتى لقطع أرزاق بعضنا.”

وأضاف “مرة أخرى يتصل بي السيد علي بن فليس ليخبرني بأنه عازم على تأسيس حزب سياسي وكان رأيي هو:
• أنه سبق لي أن تكلمت مع بعض رؤساء حملته الانتخابية ببعض الولايات عن هذا الأمر باعتبار إني لاحظت، عبر كل الولايات التي زرتها، وجود هيكل شبه منظم وتساءلت لماذا لا يتحول هذا الهيكل إلى حزب سياسي؟
• كما أن الظروف الحالية لم تبق لنا أي مجال للنضال سوى عبر حزب سياسي.
بدأنا في التحضير لتأسيس الحزب، وكان الأمل جد كبير في بناء تنظيم مختلف عما هو موجود في الساحة السياسية، وكان منطلقنا في ذلك عدة اعتبارات، هي:
• إن حزبنا سينشأ من رحم الأزمة السياسية الخطيرة التي يعيشها بلدنا؛
• إن هذا الحزب يتوفر على كفاءات وطنية قل اجتماع مثلها في أي حزب آخر؛
• إن كل مؤسسيه عانوا من التضييق والتهميش مما سيجعلهم أكثر اقتناعا بالنضال من اجل التغيير؛
• سيكون حزبا حرا في اتخاذ قراراته وان لا قوة خارجية تستطيع أن تملي عليه أي قرار؛
• إنه خال من الانتهازيين والوصوليين؛
• إنه حامل لمشروع التجديد والتغيير الوطنيين؛
• إنه تجمع لرجال أحرار ونساء حرات حول برنامج وليس حول رجل يٌقدس ويٌبجل، كما كان الأمر بالنسبة للكثير من الأحزاب في الساحة الوطنية.
وكان المؤتمر التأسيسي بما حمله من لوائح وتعيينات في هياكل الحزب، وبدأنا مسيرة نضالية كنا نريدها نموذجية ومتميزة وقوية بمواقفها الصارمة تجاه السياسة التي كانت متبعة من طرف السلطة القائمة.
لن أتوقف هنا عند مسيرة الخمس سنوات وما ميزها من مواقف وانتصارات وكذلك من خيبات وانكسارات، فذلك قد يشكل مادة لمؤلف قد يصدر لاحقا، بل أكتفي بكلمات جد مختصرة حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
فقد انطلق الحراك المبارك، ورأيت فيه، وكما صرحت وقتها للعديد من وسائل الإعلام، صورة هبة ربانية جاءت لتحرر الجزائر من الفساد وترفع عنها المهانة. وكان من نتائجها سقوط سيء الذكر الذي حكم الجزائر لعشرين سنة كاملة.
رفعت، يوم سقوطه، علما فوق بيتي حيث شعرت فعلا بأني تحررت نهائيا من كابوس كان يضغط على صدري. وقدرت، ساعتها، بأني أديت جزء من واجبي تجاه وطني، فمنذ 2010 لم أسكت عن هذا الحاكم ولم أكف لحظة عن قول كلمة الحق عبر كل وسائل الإعلام التي أتيح لي الكتابة على صفحاتها أو التحدث عبرها ومنها قناة المغاربية، التي كانت ترحب دوما بمداخلاتي.
بسقوط بوتفليقة، فكرت بأن وقتي كمعارض متحزب قد انتهى، وان الجزائر مقبلة على مرحلة مغايرة تتطلب نضالا بأساليب مغايرة، وكان علي إذن الانسحاب من الحزب والتفرغ لنوع آخر من النضال يتلاءم والسن الذي بلغته: الكتابة والتأليف.
غير أن تداعي الأحداث، جعلني أقدر بأن مغادرتي، في هذا الوقت بالذات، يعتبر هروبا من الميدان ومن التزاماتي تجاه رفاقي وأصدقائي وإخوتي في الحزب. فأجلت الأمر إلى اليوم
قرر السيد علي بن فليس إذن الترشح للرئاسيات، للمرة الثالثة، وأعلن ذلك ثم وجه، بصفته رئيسا للحزب، الدعوة للجنة المركزية للاجتماع في دورة عادية بتاريخ 26 سبتمبر 2019 بعين بنيان/الجزائر.
جلست، خلال اجتماع هذه الدورة، في آخر القاعة، حيث رحت أتابع ما يقال من طرف الرفاق الذين كانوا يتداولون على الميكروفون؛ وما أزعجني فعلا هو أن لا أحد منهم أثار مسألة “جدية الانتخابات”، ولا ما هي حظوظ رئيس الحزب في الفوز ولا حتى توفر الشروط التي سبق للحزب أن طالب بها ليشارك في الانتخابات. قلت لا أحد، ولعلي كنت الوحيد، من بين أعضاء اللجنة المركزية، الذي كان يعرف مسبقا أن النتيجة ستكون سلبية بالنسبة لرئيس حزبنا، فكل المعطيات كانت تشير إلى هذا؛ لذلك ولما كان الجميع يرفعون أيديهم، بكل حماس، مصادقين ومزكين وموافقين بقيت وحدي، في آخر القاعة، الذي لم يصادق ولم يزك ولم يوافق.
سبق للحزب أن ناقش، لمرتين، أمر المشاركة من عدمها في الانتخابات (التشريعية والمحلية)، وكان النقاش جد ثري بين أصحاب هذا الموقف وذاك، وانتهى النقاش، في المرتين، بإجراء انتخابات بحضور ممثلي وسائل الإعلام، والتزم الجميع، في المرتين، بنتيجة الانتخاب، وكانت هذه اللحظات دليلا على احترام بعضنا البعض وعلى قوة الانضباط الحزبي والتزام كل المناضلين برأي الأغلبية.
الانضباط الحزبي هو إذن ما جعلني أصمت ولا أعارض مسألة مشاركة رئيس الحزب في انتخابات كنت -وتمنيت وقتها أن أكون مخطئا- أراها سلبية بالنسبة لمرشحنا وذلك لاعتبارات عديدة.
انتهت الانتخابات إذن بالنتيجة التي نعرفها والتي دحرجت مرشح حزبنا من المرتبة الثانية (في انتخابات 2014 بعدد أصوات يتجاوز المليون و200 ألف صوت) إلى المرتبة الثالثة (بعدد أصوات نزل إلى 800 ألف صوت)
بهذه النتيجة، قرر السيد علي بن فليس الانسحاب من الحزب نهائيا، وأختار السيد عبد القادر سعدي، العضو بالمكتب السياسي ليكون خليفته بالنيابة حتى تاريخ انعقاد المؤتمر الأول للحزب، وتم ترسيم هذا الاختيار، بتزكية الأغلبية، أثناء الدورة الاستثنائية للجنة المركزية المنعقدة بالحميز/ الجزائر، بتاريخ 28 ديسمبر 2019..
بدأ التفكير في التحضير لمؤتمر الحزب، وبدأت معه الاتصالات لتحضير “رئيس الحزب”؛ وكان رأيي، الذي أدليت به في اجتماع المكتب السياسي في دورته العادية لشهر جانفي، أنه يجب الذهاب إلى المؤتمر بفكرة أن كل المسؤوليات (رئاسة الحزب، المكتب السياسي، اللجنة المركزية) يجب أن تمر عبر الانتخابات وأنه يجب إبعاد كلمة “تزكية” من قاموس طلائع الحريات نهائيا. لقد كان اتفاقنا، منذ البداية، هو أن نبني حزبا ديمقراطيا وعليه فكل المناصب والمسؤوليات يجب أن يصل إليها المناضل عبر الانتخابات. وقلت أيضا: “بين الحزب والديمقراطية فإنني أختار الديمقراطية”
مثل هذا الكلام لم يرض بعض رفاقي في الحزب الذين يفضلون الحزب على الديمقراطية.
ثم بدأت التحالفات من أجل ضمان رئاسة الحزب، وكنت أعلنت، من البداية، إني غير معني تماما بهذا الأمر وان علاقتي بالحزب ستنتهي يوم انعقاد المؤتمر، غير أن ضغوطا كبيرة مورست علي، من طرف العشرات من أعضاء اللجنة المركزية، لأتراجع عن قرار الانسحاب ولأتولى رئاسة الحزب، وكانت حجتهم في ذلك انه لا يوجد غيري (أستاذ جامعي، ضابط سامي متقاعد، معروف على المستوى الوطني؛الخ.) لمثل هذه المسؤولية. كانت الاتصالات تأتيني أيضا من كل الولايات حيث عبر معظم المنسقين الإقليميين (على مستوى الولايات) عن دعمهم لي، وتجندهم لإعادة بناء الحزب على أسس صحيحة.
في هذه الفترة، اكتشفت، في اجتماع المكتب السياسي بتاريخ 14 مارس 2020 والذي لم يحضره سوى 17 عضوا، بأني أخطأت العنوان فعلا، فهذا الرئيس بالنيابة الذي تماطل في تشكيل الهيئة الوطنية لتحضير المؤتمر رغم مرور حوالي ثلاثة أشهر من انعقاد اللجنة المركزية، يعلن أمام الجميع بأنه شكل الهيأة الوطنية لتحضير المؤتمر مراعيا التوازن الجهوي، وأمام احتجاجي على فكرة التوازن الجهوي، جرى بيننا هذا الحوار:
– هو: هذا هو المعمول به.
– أنا: يبدو إني أخطأت العنوان، فليس هذا هو الحزب الذي شاركت في تأسيسه، هل تريدون جعله حزب كوطات؟
– هو: لقد عينت اثنين من الشرق.
– أنا: لايهمني الشرق. أرفض الشرق والغرب والشمال والجنوب. أرفض أن أحشر في أي جزء من الجزائر. أنا لدي جزائر بمساحة مليونين وأربعة مائة ألف كيلو متر مربع فلماذا تريد أن تضيق علي في الشرق؟
– هو: والقبائل.. لقد عينت الأخت القبائلية أيضا.
– أنا: أرفض أيضا القبائل والشاوية وبني مزاب والعرب والتوارق وغيرهم إن وجدوا.. أرفض الجميع لصالح “أنا جزائري؛ وجزائري بكل الأبعاد التي ذكرتها”. أرفض هذا التقسيم. ثم أن الجزائر مقسمة إلى ولايات وليس إلى مقاطعات أو جهات.
وصلنا إذن إلى مفترق الطرق، ووجدت نفسي، مرة أخرى منذ بداية الحراك، في صراع بين ذاتي التي تلح علي في أن أقر ببيتي وسط كتبي وأن انهي مشاريع كتب كنت بدأتها منذ فترة، وبين ضغوطات الكثير من الإخوة والأصدقاء والرفاق الذين يصرون على ترشيحي وانتخابي لرئاسة الحزب، ومن هؤلاء من ذهبت به الأحلام إلى حد التفكير في تحضير الانتخابات الرئاسية المقبلة منذ الآن لنشارك فيها بقوة.

إليكم، أيها الإخوة والأصدقاء والرفاق، أقول بأن للسن أحكامه وأن زمن الطموحات الكبرى قد ولى، وأن على رجل في مثل عمري أن يقتنع بالانسحاب بشرف تاركا المجال لشباب يستطيعون التأقلم مع مستجدات الساحة السياسية، كما يستطيعون مواصلة النضال وإعادة بناء الحزب على أسس جديدة وصحيحة”.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top