الثلاثاء 23 يوليو 2024

ذكرى.. بلا ذاكرة

ذكرى

اعتراف البرلمان الفرنسي بجرائم الشرطة الفرنسية ضد الجزائريين في 1961 ليست سوى يوم وطني تتذكر فيه باريس عارها في الجزائر

ⓒ ح.م
كاتب صحافي

لا أدري لماذا يتم التهليل هنا في الجزائر أو هناك في فرنسا حول ما أقدم عليه البرلمان الفرنسي أو الجمعية الوطنية بخصوص الاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية في باريس تحت قيادة السفاح موريس بابون، عميد شرطة باريس، ضد المهاجرين الجزائريين من مناضلي الحرية والاستقلال والذين خرجوا في 17 أكتوبر 1961 في مظاهرة شعبية بأمر من قيادة جبهة التحرير الوطني ضد حظر التجول؟..

كل ما في الأمر أن النائب عن حزب الخضر  صابرينة صبايحي كانت قد تقدمت إلى البرلمان الفرنسي بمقترح يُطالب السلطات الفرنسية بـإدراج يوم إحياء ذكرى مجزرة 17 أكتوبر 1961 في جدول الأيام الرسمية والاحتفالات الوطنية الفرنسية، أي أن القضية لا تتجاوز إدراج هذا اليوم المشؤوم ضمن الأعياد الوطنية الفرنسية وذلك في إطار الذاكرة التاريخية المشتركة التي تحاول عبثا كتابة تاريخ مشترك يقفز فوق الحقائق التاريخية، أي أن هذا النص القانوني لا يعترف بأن هذه الجريمة النكراء في حق الجزائريين تعد جريمة دولة على الرغم من أن ما حدث في ذلك التاريخ الأسود يعد من أبشع الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها القوات الفرنسية، ويكفي أن نهر السين الفرنسي قد تلون ماؤه باللون الأحمر من دماء المئات من المهاجرين الجزائريين الذين كانت الشرطة الفرنسية تقتلهم بالرصاص وتلقي بجثثهم في هذا النهر اللعين؛ بل الأبشع من ذلك أن الكثير من الشهداء قد ألقي بهم في النهر وهم أحياء.

يعني أن القضية ليست سوى يوم وطني تتذكر فيه باريس عارها في الجزائر على حد تعبير الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، ولكن عار فرنسا في الجزائر لا يمحى ولن يمحى حتى ولو تعترف فرنسا بأن ما حدث هو بالفعل جريمة دولة ولذلك تعمد باريس إلى التماطل في الاعتراف بجرائم قوات جيش الاحتلال، ومهما يكن من أمر فإن الجرائم ضد الإنسانية لن تسقط بالتقادم ومهما يكن من أمر فإن الجريمة لن تبقى بدون عقاب، وما سوى ذلك يبقى اليوم السابع عشر من أكتوبر ذكرى بلا ذاكرة حتى ولو تجعله فرنسا ضمن أيامها الوطنية، فذلك يومها لا يومنا وتاريخها غير تاريخنا.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top