الاثنين 29 أبريل 2024

دم البعوض

دم البعوض

ها هي اليوم دماء المسلمين تراق في غزة وفي فلسطين بينما يتكرر علينا سؤال زكاة الفطر

ⓒ ح.م
كاتب صحافي

ما إن تحل العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، حتى يطفو إلى السطح ذلك الجدل القديم الجديد العقيم والذي لا يرجى منه أي خير عميم، ويتعلق بكيفية إخراج زكاة الفطر: هل يخرجها الصائم نقدا أم يخرجها من الحبوب، وهو جدال ما انفكت تغذيه في كل مرة مختلف وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، وكالعادة يصبح العامة فقهاء في العبادة ويخوضون خارج الموضوع في كل موضوع!.

يحدث كل هذا الجدل في الوقت الذي أصبحت فيه المملكة العربية السعودية والتي ترفع راية التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، منشغلة بمسابقة ملكة جمال المملكة، الأمر الذي أصبح يشغل بال الرأي العام السعودي وذلك في إطار عصرنة المملكة في إطار مشروع ولي العهد أو الحاكم الفعلي محمد بن سلمان، وليس من الغرابة بعد ذلك أن يصبح إخراج زكاة الفطر في المملكة عن طريق الدفع الإلكتروني وهو نقاش آخر بات يشغل بال الدعاة.

ويحدث هذا أيضا في الوقت الذي أصبح يشغل بال الفقهاء في الجمهورية العربية المصرية قضية إخراج آدم من الجنة، ولقد ذهب بعضهم إلى براءة حواء من ذلك، ولربما قد يصل النقاش إلى براءة إبليس. ومع ذلك فإن القضية ليست في هذه المسألة الفقهية ومن المعلوم أن المسائل الفقهية تعد من المسائل الخلافية بين العلماء والذين اختلافهم رحمة لا نقمة، غير أن هذا الاختلاف سرعان ما يتحول إلى خلاف بين العوام، بل إن القضية هو أن هذا الجدل كثيرا ما ينسينا القضايا الجوهرية بل قضية القضايا والتي هي فلسطين المحتلة، أليس من الخزي والعار أن يتجادل المسلمون في زكاة الفطر إن كانت تخرج من النقود أو من الغذاء في الوقت الذي لم يجد أهل غزة ما يأكلونه أو ما يفطرون عليه في شهر الصيام؟.

ليس غريبا أن ينشغل المسلمون اليوم بقضية إخراج زكاة الفطر في الوقت الذي تكاد تباد فيه غزة وبقية فلسطين، ذلك أن المسلمين من زمان وهم ينشغلون بالقضايا الشكلية على حساب القضايا الجوهرية؛ ففي كل مرة يحدثنا التاريخ عن ذلك، ويكفي أنه عندما دخل المغول إلى العراق وكاد يبيدها عن بكرة أبيها، في ذلك الوقت لم يكن الجهاد يهم المسلمين بل الذي كان يهمهم ويؤرقهم هو: هل دم البعوض يفسد الوضوء، وها هي اليوم دماء المسلمين تراق في غزة وفي فلسطين، بينما يتكرر علينا سؤال زكاة الفطر ودم البعوض إن كان يفسد الوضوء.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top