الأحد 28 أبريل 2024

الصهاينة “يغتصبون” الفلسطينيات في رمضان

الصهاينة

الصهاينة يسعون لإذلال أمة الإسلام كلها بترسيخ فكرة العجز عن حماية النساء والحرائر

ⓒ ح.م
  • شهادات مروعة من داخل المستشفيات المحاصرة عن عمليات اغتصاب جماعي للفلسطينيات أمام أزواجهن وأولادهن
كاتب صحفي

في ظل الصمت العربي والإسلامي والعالمي المخزي، عن جرائم الصهاينة التي يندى لها جبين الإنسانية في قطاع غزة منذ قرابة الستة أشهر، وعجز المنتظم الدولي عن كبح جماح إسرائيل “الدولة المارقة” بما في ذلك العجز الذي أبدته مؤسسات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، وفي ظل مؤشرات قوية عن فشل مفاوضات الدوحة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس والكيان، انتقل الصهاينة إلى ممارسة ما هو أبشع من القتل والتدمير الشامل، وعمليات التجويع والإبادة الجماعية، وتدنيس المقدسات خاصة في المسجد الأقصى المبارك، إلى اغتصاب النساء الفلسطينيات في غزة في وضح النهار وفي شهر رمضان المعظم، في تحد مباشر لأمة الإسلام التي تصوم هذا الشهر في حالة من الذل لم يسبق للتاريخ تسجيلها.

وتفجرت هذه الفظاعات الصهيونية المتعلقة بشروع جيش الاحتلال في اغتصاب الفلسطينيات، بعد أن كشفت إحدى الفلسطينيات المحاصرات في مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، واسمها “جميلة الهسي” في اتصال هاتفي لقناة “الجزيرة” القطرية، أن الجنود الصهاينة الذين احتلوا المجمع أقدموا على اغتصاب عدد من النساء الفلسطينيات قبل قتلهن إلى جانب عائلات بأكملها في محيط الشفاء، مع ممارسة أبشع أنواع الحصار على من تبقوا على قيد الحياة، حيث لا يجدون منذ عدة أيام بعد الاقتحام الثاني لمجمع الشفاء من طرف قوات الاحتلال منذ بداية العدوان، حتى الماء للإفطار عليه.

ويشكل هذا الاعتراف المدوي من إحدى الفلسطينيات المحاصرات بمجمع الشفاء، بعد مرور حوالي 170 يوما من العدوان، وسقوط حوالي 40 ألف بين شهيد ومفقود علاوة على عشرات آلاف الجرحى والمعوقين، تحولا خطيرا في مسار الصراع، بعد أن تأكدت “إسرائيل” بأنها “فوق العقاب”، وأن كل ما تلوح به المنظمات الدولية ومحكمة العدل الدولية، ليس أكثر من ثرثرة فارغة، وأن الحماية التي تتلقاها من طرف الولايات المتحدة، تمكنها من تجاوز كل الخطوط الحمراء لتصل أخيرا إلى اغتصاب النساء في أحد أقدس الأشهر لدى المسلمين، إمعانا منها في إذلال الأمة قبل إذلال الفلسطينيين العزل.

شهادات مروعة عن سقوط الشرف العربي

وإلى جانب الشهادة الحية التي نقلتها المواطنة جميلة الهسي، تناقل ناشطون فلسطينيون من جانبهم شهادات صادمة أخرى حول عمليات اغتصاب أخرى قام بها الجنود الصهاينة داخل مجمع الشفاء الطبي، وأكثرها فظاعة ما قاله زوج سيدة فلسطينية حامل تعرضت للاغتصاب، والتي أكد فيها أن جنود الاحتلال خلعوا ملابس زوجته الحامل، وقاموا بضربها قبل أن يشرعوا في اغتصابها أمام زوجها وأولادها.

وليست هذه الشهادات الوحيدة التي يتم الكشف عنها أخيرا، فقد سبق لتقرير أعدته خبيرات أمميات مستقلات في نهاية شهر فيفري الماضي، أثرن قضية ارتكاب جنود الاحتلال انتهاكات صارخة بحق نساء وفتيات فلسطينيات في قطاع غزة، بما في ذلك القتل التعسفي مع أطفالهن أحيانا والاغتصاب والاعتداء الجنسي، وأن عمليات الاحتجاز التعسفي لمئات النساء الفلسطينيات بمن فيهن مدافعات عن حقوق الإنسان وصحافيات وعاملات في المجال الإنساني”، تتسم علاوة على الضرب المبرح بالاعتداءات الجنسية الصارخة، داعيات إلى إجراء تحقيق مستقل شامل في هذه القضية الخطيرة.

وقبل هذا التقرير بأيام قليلة، أكد بيان من توقيع مقرري الأمم المتحدة، عن وجود حالات “الاغتصاب والتهديدات بالاعتداء الجنسي” من طرف الضباط الصهاينة بحق النساء والفتيات الفلسطينيات، واصفين ما يحدث بأنه “انتهاكات مروعة”، وهي الانتهاكات التي أكدها أيضا “صندوق الأمم المتحدة للسكان” والذي وصفها بـ”المفزعة”.

ويؤكد خبراء الأمم المتحدة وجود فعل “الاغتصاب” والانتهاكات الجنسية في حق الفلسطينيات، وقد كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية بدورها عن حالتين من الاغتصاب على الأقل وبالأدلة، إلا أن الأعداد الحقيقية للضحايا قد لا تعرف إطلاقا أو على الأقل ليس على المدى القريب أو المتوسط، كما أكدت ذلك ريم السالم، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات، ما يعني أن الكارثة أكبر مما يتوقع الكثيرون، وأن شرف الأمة ينتهك على نطاق واسع وبكل الأشكال والأصناف بما في ذلك المس بشرف المرأة الفلسطينية العربية المسلمة دون أن يحرك ذلك في أمة المليارين ساكنا.

عالم منافق حقير

وهنا يظهر إلى أي مدى وصل فيه العالم الحالي ومنظومته الدولية من نفاق فاق كل التصورات، فالكل يذكر كيف انتفض الغرب بقيادة الولايات المتحدة والدول الأوربية للادعاءات الكاذبة جملة وتفصيلا، التي أطلقتها “إسرائيل” حول اغتصابات قام بها نخبة حماس الذين نفذوا هجوم 7 أكتوبر ضد الإسرائيليات، في حملة من الدعاية المكشوفة المواكبة لادعاءات قتل الأطفال الرضع وإحراق جثثهم، وتبين بعدها أنها أكاذيب و”فوتوشوب”.. وقتها قامت قيامة الغرب المنافق وتحركت الحركات النسوية الغربية الساقطة، لإدانة حماس واتهامها بكل أنواع الإرهاب والدعشنة، ولكن عندما تعلق اليوم بتقارير أممية مرفقة بالأدلة، وليست ادعاءات صهيونية خيالية، تؤكد اغتصاب الفلسطينيات من طرف جيش الكيان الغاصب، صمتت كل تلك الدول ومنظماتها، بل إنها حاولت رشوة فريق أممي آخر ليحشر مع الأدلة الدامغة لاغتصاب الفلسطينيات، بعض الادعاءات الفارغة تقول في أدبياتها “بأن هناك “أسبابا معقولة للاعتقاد” بأن حماس مارست العنف الجنسي في هجوم 7 أكتوبر”، وهي لغة مائعة بلا أدلة، اتضح أن وراءها لوبيات غربية وأمريكية لتخفيف وطأة الفضيحة التي تلاحقهم اليوم، جراء سكوتهم عن جرائم الكيان المتعددة بما في ذلك الجرائم الجنسية.

إلا أن محاولة اللوبيات الغربية المرتبطة عضويا بالكيان الصهيوني تشويه الحقيقة فشلت اليوم فشلا ذريعا، بعد أن أجمعت كل التقارير الأممية أن جيش الكيان الإرهابي هو من يمارس هذه الأفعال الشنيعة في حق حرائر فلسطين، كنوع من الانتقام من المقاومة ومن صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، ومع ذلك لم نسمع أي نوع من الإدانة الأمريكية والغربية عموما ضد هذه الجرائم التي ظل الغرب يصدع رؤوسنا طوال عقود من الزمن بأنه ضدها، وبأنه يحاربها بكل الأشكال، لكن عندما وصل الفعل المخل البشع إلى الفلسطينيات، والمساس بكرامة الإنسان المسلم، تبخرت الديمقراطية الغربية وشعارات حقوق الإنسان التي ترفعها، لتنكشف عورة الغرب إلى الأبد.

العبر والرسائل المبطنة

وتوضح هذه السياسة الممنهجة ضد النساء الفلسطينيات التي اختارها الكيان الصهيوني للتغطية على فشله العسكري الذريع في مواجهة الرجال في الميدان، حقائق صادمة وواضحة ينبغي الانتباه إليها، لأنها تحمل في طياتها رسائل جد خطيرة يمكن تلخيصها في ما يلي:

+ أن الكيان لا يعير أدنى اعتبار للقانون الدولي ولا للمنظمات الدولية ولا للتقارير الصادرة بهذا الشأن التي تدين جنود الاحتلال بجريمة الاغتصاب، لأن الكيان الذي اغتصب أرض فلسطين كلها منذ عقود طويلة، ولم يجد من يردعه، لن يتوانى في اغتصاب النساء إلى جانب قتل الرجال والأطفال.

+ أن نتنياهو يسعى لتدمير قطاع غزة وإفراغه من سكانه، وفرض التهجير القسري عليهم، فإذا فشلت سياسة التدمير الشامل للحجر والبشر والشجر، وفشلت سياسة الترويع والتجويع، فإن سياسة “الاغتصاب” التي تستهدف شرف الإنسان الفلسطيني عبر ضربه في عرضه، ستكون قاتلة وقد تدفع به للهجرة والهروب حماية لما تبقى من عرضه وشرفه، وبالتالي فإن ما يقال عن مفاوضات تجرى هنا وهناك في قطر أو الدوحة أو باريس، ليست سوى محاولة صهيونية لربح الوقت، قبل تنفيذ هذه الجريمة الكبرى.

+ أن الصهاينة يحتقرون العالم العربي والإسلامي ولا يعترفون بوجوده أصلا، فقد تدرجوا في اختبار ردود الفعل طويلا، عبر تهويد المسجد الأقصى المبارك وتدنيسه علانية، وعبر ممارسة القتل الجماعي والقصف الشامل للبيوت والمساجد والمستشفيات، ولم يروا ردودا تردعهم عن فعلهم، ثم انتقلوا إلى الحصار الشامل والتجويع الممنهج، ولم يجدوا أي رد فعل، ثم قاموا باصطياد الشباب العزل والتسلية بقتلهم كما في ألعاب “البلاي ستايشن”، ولم يتحرك أحد، ثم قاموا بقتل الجائعين في مجازر رهيبة سميت بمجازر الطحين، ولا حياة لمن تنادي، فقرروا في النهاية تجاوز كل الخطوط الحمراء والقيام باغتصاب النساء المسلمات في شهر رمضان أمام أعين أزواجهن وأولادهن، وهم يعلمون علم اليقين أن ذلك لن يحرك في الأمة الميتة شيئا، وبأن بعض الأنظمة الخانعة التابعة المطبعة، لن تجرؤ حتى على التنديد.

+ أن الكيان الصهيوني وهذه هي أخطر رسائله المبطنة، يريد من خلال لجوئه أخيرا لفعل “الاغتصاب” إذلال الفلسطينيين الذين لم يستسلموا لمخططاته، والأهم من ذلك إذلال أمة الإسلام كلها، بترسيخ فكرة عجز الأمة عن حماية نسائها وحرائرها، في محاولة لتجريد الأمة من الإحساس بالرجولة والنخوة التي هي أقصر طريق لتجريدها من قوتها، وهو الأمر الذي إن تحقق باستمرار الصمت والخنوع هذا، فلن تقوم للأمة قائمة بعد هذا، ما يجعل الأمل اليوم كله معقودا على رجال المقاومة، المرابطين في الميدان، والقابضين على الزناد، فهم بحق يشكلون وحدهم شرف الأمة المتبقي، وأملها الوحيد في استعادة الرجولة المهدورة.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top