الاثنين 20 مايو 2024

فرنسا تطلب من الجزائر تجاوز مرحلة سوء التفاهم!

ⓒ teboune-2
كاتب صحافي

على غرار ما كان منتظرا قامت فرنسا بالخطوة الأولى لإذابة الجليد والشروع في إنهاء الأزمة مع الجزائر، عبر زيارة لوزير خارجيتها، أكد خلالها على احترام سيادة الجزائر، وسعي فرنسا لتجاوز الأزمة، وذلك بعد تمسك الجزائر برفضها التصريحات المستفزة التي كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أطلقها في حق الجزائريين وتاريخهم، وتأكيد رئيس الجمهورية على أن الجزائر لن تقدم على الخطوة الأولى لرأب الصدع، كما أنها لن تقبل بعلاقات لا تحترم سيادتها.

وعبر وزير الخارجية الفرنسي، عقب استقباله من طرف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وكذا وزير الخارجية رمطان لعمامرة، عن أمله في أن يساهم الحوار الذي تم استئنافه أمس، في إعادة بعث العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا في 2022، مشيرا إلى أن زيارته تهدف إلى تعزيز الثقة بين الجزائر وباريس في كنف السيادة الكاملة للبلدين.

وأبرز لودوريان أن الجزائر وفرنسا تملكان روابط عميقة تنشطها العلاقات الإنسانية بين البلدين، مشيرا إلى أنه نقل للرئيس تبون رغبة بلاده في العمل على إذابة الجليد وسوء التفاهم الواقع بينها وبين الجزائر، مردفا “جراح الماضي يجب وضعها في الواجهة، وكذا تناسي سوء التفاهم الذي حدث مؤخرا، وذلك قصد إعادة بعث علاقات قوية ومتينة بين فرنسا والجزائر”، مشددا على أن “الجزائر شريك مهم بالنسبة لفرنسا، على كافة الأصعدة”.

وكشف لودوريان بأنه تباحث مع رئيس الجمهورية ووزير الخارجية إعادة بعث العلاقات بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب للحفاظ على أمن البلدين، مردفا “الجزائر هي شريك أساسي بالنسبة لفرنسا في مجال التعاون الثنائي والإقليمي وسنواصل التنسيق بين مبادراتنا الدبلوماسية لضمان سير عملية الانتقال السياسية في ليبيا بعد لقاء باريس الذي حضره لعمامرة ممثلا عن الرئيس تبون”.

وأضاف الوزير الفرنسي بأنه تم التباحث أيضا حول الوضعية في مالي، التي قال بأن الجزائر تلعب فيها دورا رئيسا مع قيادتها لاتفاق السلام بين الأطراف المالية، معتبرا ذلك عنصرا أساسا لحل القضية المالية معبرا عن تثمين بلده لهذا الدور.

وتابع ممثل “الكيدورسي”، “فرنسا والجزائر يواجهان سويا تحديات كبيرة في المنطقة سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، ويجب أن تكون لدينا مواقف واضحة للتهديدات التي يشكلها الإرهاب في المنطقة والهجرة غير الشرعية وترقية التعاون الاقتصادي”.

وتعد زيارة العمل التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودوريان، الأولى من نوعها منذ تفجر الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، والتي سببتها التصريحات “المستفزة” للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول هوية وتاريخ الجزائريين، والتي وصل فيها حد التشكيك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر.

وظلت الرحلة سرية حتى اللحظة الأخيرة، حيث سعت السلطات الفرنسية للحفاظ على ماء وجهها أمام الرأي العام وعدم الإعلان عن الزيارة، قبل أن تقوم السلطات الجزائرية بالإعلان عنها، الأمر الذي جسده غياب أي معلومات عن هذه الزيارة في وسائل الإعلام الفرنسية، أو موقع وزارة خارجيتها “الكيدورسي”.

وتمسكت الجزائر بموقفها الرافض لتجاوز الأزمة مع فرنسا مشددة على عزمها التصعيد في حال عدم تراجع فرنسا وضمان قياداتها عدم تكرار الحادثة، وهو الأمر الذي جسدته تصريحات رئيس الجمهورية المتتالية بهذا الخصوص، والتي أكد فيها بأنه لن يقوم بالخطوة الأولى لرأب الصدع في الأزمة، وأن الجزائر لن تقبل بعلاقات لا تتضمن الاحترام الكامل لسيادة الدولة والشعب الجزائري.

وتعود الشرارة الأولى للأزمة في قرار السلطات الفرنسية تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين، دون العودة إلى الجزائر واستشارتها، ليليه إطلاق إيماويل ماكرون تصريحات “غير مسؤولة” حول تاريخ الجزائريين، وهي التصريحات التي واجهتها الجزائر برد قوي تضمن استدعاء سفير الجزائر بفرنسا، ومنع تحليق الطيران العسكري الفرنسي فوق أراضيها.

ولتلطيف الأجواء، أعرب الرئيس الفرنسي عن “أسفه” إزاء الجدل الذي نشأ، وقال إنه “مرتبط بشدة” بتنمية العلاقات الثنائية، معتبرا أن ما يحدث هو “سوء تفاهم” وهو ما ذهب إليه وزير خارجيته لودوريان، الذي دعا إلى علاقة “واثقة” و “شراكة طموحة” مع الجزائر تتعدى “الجروح” التذكارية التي يمكن أن تظهر “في بعض الأحيان”.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top