الاثنين 20 مايو 2024

المخزن يعود لاستفزاز الجزائر في وحدتها الترابية

المخزن

أبواق المخزن الرسمية وغير الإعلامية مجددا تعود لترديد الأسطوانة المشروخة عما يسمونه مغربية "الصحراء الشرقية"

ⓒ ح.م
  • بهيجة سيمو تستيقظ من نومها وتعود إلى أسطوانة "الصحراء الشرقية"
كاتب صحفي

عادت أبواق المخزن الرسمية وغير الإعلامية مجددا، لترديد الأسطوانة المشروخة عما يسمونه مغربية “الصحراء الشرقية” والتي يقصدون بها مناطق جزائرية أصلية تمتد من تلمسان إلى بشار وتندوف وحتى عين صالح، وذلك مباشرة بعد قبول الجزائر بفتح مكتب تمثيلي لجمهورية الريف على أراضيها، عقب استفزازات متكررة مرتبطة بالخصوص بالدعم العلني لحركة الماك الإرهابية في الأمم المتحدة والتحالف مع الصهاينة، والذي أدى إلى إعلان الجزائر في العام 2021 قطع علاقاتها الدبلوماسية بشكل كامل مع الرباط.

ودشنت هذه العودة المتخبطة مرة أخرى عرابة المخزن المسماة بهيجة السيمو، مديرة مديرية الوثائق الملكية، الخميس الماضي، في أثناء محاضرة “مغلقة” بمقر إحدى الجمعيات بالرباط، حيث أدرجت ما يسمى بالسيادة المغربية على “الصحراء الشرقية” في معرض حديثها عن ما يسمى بـ”السيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية من خلال الوثائق الملكية”، اعتمدت فيها هذه المرة أيضا، على نصوص غابرة لبيعات مدعية للسلاطين المغاربة في القرون الخالية، وعلى بعض الظهائر البالية لتعيين الباشوات وإدراج بعض العناصر الصحراوية في جيوش السلاطين المتعاقبين وغيرها من الخزعبلات التي حاولت من خلالها المدعية إثبات ما لا يمكن إثباته، على اعتبار أن الدم الجزائري الذي سال على كل شبر من أرض الجزائر قد وقع عبر ملايين الشهداء على كل شبر من أرض الشهداء.

ومما عرضته البوق المخزني بهيجة سيمو، في محاضرتها تلك التي كانت بأبواب مغلقة بعيدا عن الصحافة، كدليل إضافي عن حجم التخبط الذي يعانيه المخزن، وخوفه الشديد من مواجهة الحقائق الدامغة ومواجهة الغضب الجزائري، وثيقة قيل عنها سرية حول معاهدة للامغنية لترسيم الحدود المغربية الجزائرية، والادعاء أن فرنسا قامت برشوة الجانب المغربي الحاضر في لجنة ترسيم الحدود لتثبت الحدود التي تريدها، والأكثر سخافة في هذه المحاضرة أنه قيل أنها تضمنت عرض وثائق وخرائط سرية،  يعتمد عليها المخزن في دفاعه عن وحدته الترابية بالأمم المتحدة وبمجلس الأمن، وتظهر امتداده الجغرافي والسيادي إلى الحدود مع ليبيا ومالي، وربما كان الواهمون يقصدون أن أراضي المخزن تمتد لتشمل كامل أراضي إفريقيا.

وحاولت سيمو كعادتها، أن تثبت الوهم المخزني القديم عبر بعض الوثائق التي أكل الدهر عليها وشرب، بحيث تثبت مغربية الصحراء بشقيها الشرقي والغربي، وأن الاستعمار بحسب ادعاءاتها هو من يقف وراء اقتطاع مساحات واسعة من المغرب وضمها إلى الجزائر ومن بينها تلمسان التي قالت إن السلطان مولاي عبد الرحمن عين ابن عمه عاملا عليها قبل أن تضمها فرنسا للجزائر.

خزعبلات وأوهام في مواجهة الحقائق الدامغة

وأمام تكرار مثل هذه الخزعبلات والأوهام المريضة من طرف أبواق المخزن بجميع أشكالهم ومواقعهم، من المهم التذكير ببعض الحقائق الدامغة في هذا الموضوع الذي كما قلنا أن دماء الشهداء قد فصلت فيه من دون رجعة، فهذه الأكذوبة التي أطلقها علال الفاسي منذ العام 1956 في أعقاب منح فرنسا الاستقلال الشكلي للمخزن، عندما توهم أن حدود المغرب لا تنتهي إلا عند نهر السنغال، قد داسها ثوار الجزائر بأرجلهم بعد الخيانة التاريخية لنضال وكفاح وحدة المغرب العربي التي قام بها حزب الاستقلال المغربي، بتركه الجزائر والجزائريين يقاتلون الاستعمار لوحدهم بعكس الاتفاقيات السابقة، وواجهوا بدمائهم الروح التوسعية المخزنية منذ بداياتها الأولى، حتى وهم في عز الثورة، حيث وقفوا سدا منيعا في وجه الروح التوسعية المخزنية التي أعلنت من حينها رغبتها في احتلال تندوف، ما أدى إلى صدامات بين جيش التحرير الوطني ووحدات من جيش المخزن في منطقة فيجيج بسبب محاولات المخزن الاستحواذ على مناطق جزائرية، ولم يتوقف الطمع المخزني حتى بعد استقلال الجزائر حين ظل الساسة المغاربة يكررون نفس الأسطوانة المشروخة حول تلقيهم وعودا من قادة الثورة الجزائرية بمنحهم تندوف بعد الاستقلال، إلا أن قادة الثورة بعد ذلك جميعا بمن فيهم بن بلة وفرحات عباس وغيرهم، كذبوا تلك الادعاءات التي لا أصل لها.

وأدت تلك الأطماع المتجذرة في الفكر التوسعي المغربي، إلى حدوث عدوان مسلح من المخزن ضد الجزائر التي خرجت للتو من استعمار بغيض وما زالت دماء شهدائها لن تجف بعد، الأمر الذي دفع الوطنيين المغاربة، إلى التبرؤ من هذا التوجه الخطير على غرار المهدي بن بركة، وهو الأمر الذي أدى في ما بعد إلى قيام المخزن باغتيال هذا المناضل المغربي الكبير في باريس بالتعاون مع الموساد الصهيوني.

وبعيدا عن خزعبلات المخزن وأوهامه، فإن حدود الجزائر الطبيعية التي تشكلت عبر حوالي سبعة قرون من الزمن، والتي كان معلمها نهر ملوية غربا، قبل أن يتخلى المستعمر عن أجزاء من الأرض الجزائرية وبينها مدينة وجدة لصالح المغرب إثر اتفاقية للامغنية، أما المناطق الصحراوية فقد ثبتت جزائريتها من خلال وحدة الدم الذي تم دفعه إبان ثورة التحرير، والتي لم يدفع غير الجزائريين في سبيل تحريرها قطرة دم واحدة.

لقد رسمت دماء الشهداء في الجزائر حدود بلدهم في سابقة تاريخية نادرة، وهذا الترسيم يعترف به المخزن رسميا عبر كل الوثائق والمستندات، ما يجعل من مثل هذه التهويمات مجرد “تهويشة ذر” كما يقال، ولا علاقة لها بمنطق الدولة أبدا.

عود على بدء

وكانت الجزائر قد وجهت تحذيرات شديدة اللهجة في شهر مارس من العام الماضي، ضد استفزازات المخزن حول الوحدة الترابية للجزائر، حملت عبارات “الويل” والثبور، إلى درجة تحسس المخزن ودوائر الاستخبارات الصهيونية إمكانية قيام الجزائر بضربة عسكرية ضده، وذلك في أعقاب التصريحات الأولى للبوق المخزني بهيجة سيمو، التي ادعت أيضا وقتها أحقية المخزن في جزء كبير من الصحراء الجزائرية، وكذا الخريطة الوهمية التي نشرتها مجلة “ماروك إيبدو” والتي وضعت فيه المغرب بخارطة ملونة بالأحمر تضم مناطق تندوف وبشار وأدرار وغيرها.

وجاء التهديد الجزائري الصاعق وقتها، من خلال رد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، التي هددت بكل صراحة ووضوح بـ”الويل لمن تمتد يده لذرة تراب مسقية بدماء الشهداء”، في إشارة واضحة إلى أن الجزائر لن تدخل في هذا الموضوع تحديدا في أي نقاش بيزنطي وإنما سيكون الرد العسكري هو وحده الكفيل بإخراس تلك الأفواه المريضة، كما جاء الرد الرسمي من أعلى السلطات ممثلا في تصريحات رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي الذي قال بكل وضوح إن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني “على جاهزية تامة للردع وحماية حدودنا”.

ولوحظ أن المخزن من حينها قد بلع لسانه وصمت صمت القبور حيال هذا الموضوع الحساس، خوفا من التهديدات الجزائرية التي لم تكن أبدا مجرد استعراضات فارغة، قبل أن يعود أخيرا إلى نغمته القديمة المترهلة، بعد أن شاهد “الراية الريفية” ترفرف فوق الأرض الجزائرية، إيذانا بعهد جديد وتحول كبير من شأنه أن لا يرد فقط على الاستفزازات المتكررة للمخزن حول “القبائل”، وإنما سيكون له ما بعده ناحية إسقاط النظام الملكي المخزني المتصهين، لصالح ميلاد الجمهورية المغربية الجديدة.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top