الاثنين 20 مايو 2024

“المخزن” يبيع رسميا الصحراء الغربية للصهاينة

ⓒ ne
كاتب صحفي

وقع نظام المخزن المغربي المتصهين أخيرا، على وثيقة بيع الصحراء الغربية التي لا يملكها إلى الكيان الصهيوني رسميا، بعد إعلان هذا الكيان عن القرار الوهمي باعتراف الدولة التي تغتصب أرض فلسطين، بشرعية احتلال الدولة المخزنية التي تغتصب أرض الصحراء الغربية.

وجاء في البيان الخياني للديوان الملكي المخزني، الإثنين، أن ملك المغرب محمد السادس تلقى رسالة من الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد له فيها اعتراف إسرائيل بما يسمى “سيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية“، وأن هذا الاعتراف “سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة وأنه سيتم “إخبار الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية بهذا القرار”، وأن إسرائيل تدرس، إيجابيا، “فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة” في الأراضي الصحراوية.

 ورحب وزير الخارجية الصهيوني إيلي كوهين، الثلاثاء، بالخطوة التي أعلنها نتانياهو، زاعما أنها خطوة “لتعزيز العلاقات بين الدول والشعوب واستمرار التعاون لتعميق السلام والاستقرار الإقليميين”، بينما وصف مائير بن شابات، رئيس معهد “ميسغاف” لشؤون الأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، ومستشار الأمن القومي السابق هذا الاعتراف الإسرائيلي بأنه يثبت “عمق الالتزام الإسرائيلي بتطوير العلاقات الحارة بين البلدين والشعبين”، كاشفا أن ذلك يشكل “موقفا واضحا ضد القوى التي تحارب المغرب والتي تدعم من قبل إيران والجزائر”.

ملحق عسكري صهيوني بالرباط

وتزامن الإعلان عن اعتراف دولة الكيان الصهيوني بما يسمى “مغربية الصحراء”، بإعلان الجيش الصهيوني تعيين شارون إيتاح، قائد لواء حيفا، ملحقا عسكريا أول في المغرب، بقرار من رئيس هيئة الأركان العامة لجيش العدو الصهيوني هيرتسي هاليفي.

والمثير أن تعيين تل أبيب لملحق عسكري لها بالرباط، جاء مخالفا لكل القوانين والأعراف الدولية، حيث لا تمتلك تل أبيب سفيرا بشكل رسمي لها في الرباط، ولا سفارة معتمدة، وإنما مكتب اتصال، مع غياب استمرار غياب السفير المتحرش جنسيا بالمغربيات، ديفيد غوفرين، على الرغم من الإعلان عن عودته قريبا رغم التهم الخطيرة التي طالته.

واعتبر الجيش الصهيوني تعيين ملحق عسكري له بالرباط، بالخطوة التاريخية، باعتبار أن هذه الخطوة هي الأولى من نوعها في كل الدول العربية، تماما كما هي باقي الخطوات الخيانية التطبيعية التي لا تعد ولا تحصى بين دولة الكيان الصهيوني ودولة الكيان المخزني، والتي وصلت إلى حدود غير مسبوقة في درجة الانبطاح والخيانة، خاصة ما تعلق منها بالتعاون الأمني والعسكري إلى درجة التحالف الكامل.

ويأتي اعتراف دولة الكيان بما يسمى “مغربية الصحراء” بعد أن وصلت العلاقات بين الكيانين المصطنعين إلى درجة من التماهي المطلق في التنسيق الدبلوماسي والتحالف الاستراتيجي والأمني والعسكري، ومشاركة قوات من الجيش الصهيوني في مناورات الأسد الإفريقي على أرض المغرب، كما يأتي بعد الزيارة الفضيحة الأولى من نوعها لرئيس الكنيسيت الصهيوني أمير أوحانا إلى المغرب، الشهر الماضي، أين التقى بكبار المسؤولين المخازنية يتقدمهم رئيس مجلس النواب المغربي، رشيد الطالبي العلمي، أين تم صياغة الطبخة الخيانية بين الطرفين.

أسرار الصفقة القذرة

ويكشف الإعلان المتأخر لدولة الكيان اعترافها بما يسمى مغربية الصحراء، حيث تأخر هذا الاعتراف طويلا منذ عودة العلاقات بين الكيانين الصهيوني والمخزني في ديسمبر 2020، عن وجود صفقة قذرة ظلت تل أبيب تحيك خيوطها بإتقان طوال تلك المدة، لكسب المزيد من التنازلات المخزنية في قضايا جوهرية خطيرة تمس سيادة المغرب ليس فقط على الأرض الصحراوية التي يكون قد وقع على بيعها رسميا للصهاينة، وإنما على الأرض المغربية نفسها، عبر سياسة تمليك المستوطنين اليهود لآلاف الهكتارات من الأرض المغربية على حساب الفلاحين المغاربة.

وإذا كانت الخطوة الموالية المرتقبة للمخزن حيال دفعه ثمن هذا الاعتراف الإسرائيلي، هو الإعلان عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، بالإعلان قريبا عن رفع التمثيل الدبلوماسي الصهيوني بالرباط من مكتب اتصال إلى سفارة، وبعثة دبلوماسية كاملة، بدليل الخطوة الاستباقية بتعيين الملحق العسكري، فإن أخطر أسرار الصفقة القذرة، هو الإعلان والكشف عما سبق لنا أن حذرنا منه في نوفمبر من العام الماضي، من نية المخزن تسليم ثروات الصحراء الغربية الباطنية كلها للشركات الصهيونية، لتكون المالك الحصري لتلك الثروات، في ظل إحجام بقية دول العالم عن الاستثمار المباشر في الأراضي الصحراوية، لكونها ما تزال أراضي متنازع عنها.

وكانت إسرائيل قد مهدت للأمر، بإعلان شركة “نيوميد إينرجي” أكبر شركات النفط والغاز الإسرائيلية، قبل عدة أشهر، على لسان الرئيس التنفيذي للشركة يوسي أبو، الشروع في الاستثمار في عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في الصحراء الغربية، معتبرا أن “الصحراء الغربية هي عبارة عن خزان كبير للغاز الطبيعي”.

وكشف مسؤول تلك الشركة العامة للطاقة الإسرائيلية، أن الكيان يستثمر حاليا بأراضي الصحراء الغربية في قطاعات حساسة هي “الغاز الطبيعي والطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر”، وأن إمكانيات اكتشاف الغاز الطبيعي في الصحراء الغربية تحديدا هي إمكانيات هائلة، وأن “إسرائيل قادمة بقوة للاستثمار في هذا المجال”.

ولا يمكن فصل قرار دولة الكيان الاعتراف بمغربية الصحراء، خارج هذه الصفقة الوسخة التي تخص الاستيلاء الصهيوني على ثروات الصحراء الغربية وعلى رأسها النفط والغاز، حيث تقتضي الخطة الصهيونية المعلنة، بعد إعلان خطة التحالف بين شركة “نيوميد إينرجي” وبين شركة “إينلايت” الصهيونيتين، السيطرة على مجالات التنقيب عن الغاز الطبيعي في دول مطبّعة مثل المغرب والإمارات والبحرين ومصر والأردن، في حين يكون التركيز الأكبر على الصحراء الغربية باعتبارها الجائزة الكبرى لما تتوفر عليه من إمكانات ضخمة واحتياطيات محتملة هائلة، علاوة على الحرية المطلقة للتحرك عبرها باعتبارها أرضا تم شراؤها عمليا ولا يحق لغيرهم التصرف فيها.

وكان المخزن طوال الفترة الماضية، يفاوض الكيان الصهيوني على الاعتراف بسيادته “الصورية” على الصحراء الغربية، مقابل اعتراف المخزن بسيادة “فعلية” صهيونية عليها، حيث مهد للأمر أيضا بتوقيع المكتب المغربي للمحروقات والمعادن في 24 سبتمبر من عام 2021، على اتفاقية مع شركة “راسيوبتروليوم” للكيان الصهيوني الحق الحصري للتنقيب عن البترول والغاز في مدينة الداخلة الصحراوية المحتلة، وفي مجمل الأراضي الصحراوية، وتشمل اتفاقية بيع ثروات الصحراء الغربية للكيان الصهيوني هذه، مساحة إجمالية تتجاوز 129 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الصحراوية على طول ساحل المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى المياه الضحلة والعميقة لذلك الشريط الساحلي بحوالي ثلاثة آلاف متر، على الرغم من أن القوانين الدولية تمنع ذلك باعتبار أن الصحراء الغربية إقليم منفصل عن المغرب وفق لوائح الأمم المتحدة.

وسبق خطوة بيع ثروات الصحراء الغربية للكيان، بيع الأرض نفسها للمستوطنين الصهاينة، في كل من المغرب والصحراء الغربية، حيث كانت مصادر من المرصد المغربي لمناهضة التطبيع قد كشفت حجم المستوطنات الصهيونية في مناطق تافيلات والراشيدية بالمغرب، تتجاوز في مساحتها مساحة قطاع غزة برمته، أما عمليات سرقة الأراضي في الصحراء الغربية لفائدة الصهاينة القادمين من إسرائيل، والتي تتم بإشراف مباشر من إدارة الأملاك المخزنية، فقد تجاوزت المليون هكتار، وهوما يحدث اليوم حالة من الغضب الواسع بين سكان القبائل المحلية حتى تلك الموالية للمخزن، وتنذر بثورة أهلها على هذا الغزو الصهيوني غير المسبوق لأراضيهم.

 ويفسر التواجد العسكري الصهيوني بالصحراء الغربية، كقاعدة بير إنزاران العسكرية، عبر منظومات الدرون الإسرائيلية “هيرون” و“هيرمس 900” منذ عام 2020، والشروع في استخدامها ضد المدنيين بداية من 25 جانفي 2021، وضد وحدات الجيش الصحراوي (في أبريل 2021)، رغبة الصهاينة في حماية الأرض التي يعتقدون أنهم قد حصلوا عليها بمثل هذه الصفقات والمناورات الوسخة.

اجتماعات سرية للتآمر والخيانة

المثير في قصة اعتراف الكيان بمغربية الصحراء، أنها جاءت أيضا في ظل اجتماعات سرية مكثفة طوال الشهر الأخير، لوزراء وأعضاء من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي داخل المغرب، مع أطراف أمنية وسياسية مغربية رفيعة المستوى من دون الإعلان عن ذلك، بل والتوجيه بعدم تسريب أي خبر عن تلك الاجتماعات السرية.

وكشفت صحيفة “إسرائيل هيوم”، نقلا عن مسؤولين سياسيين في إسرائيل، أن زيارات سرية لعدة مرات قامت بها وزيرة البيئة الإسرائيلية، عيديت سليمان، إلى المغرب، قد تمت بعد توجيه عدم تقديم أي معلومات حول هذه الزيارات الرسمية، وأن أعضاء من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أيضا شاركوا في تلك الاجتماعات السرية، وأن تلك الرحلات والاجتماعات السرية، تتعلق بموضوع سياسي مشترك لا يمكن نشر فحواه ولا الأطراف التي شاركت فيه من الجانبين الإسرائيلي والمغربي، بسبب “حساسية سياسية”، ما يعني أن الأمر كان يتعلق باستكمال تفاصيل الصفقة القذرة بين تل أبيب والرباط، والتي قد لا تتوقف بنودها عند حدود ما ذكرناه من اعترافات متبادلة بين كيانين مصطنعين، إلى التخطيط لما هو أبعد من ذلك من مؤامرات ودسائس قد تمس بأمن واستقرار المنطقة المغاربية برمتها، في ظل القرار الاستراتيجي الخياني لنظام المخزن بجلب عدو الأمة من المشرق العربي إلى المغرب العربي، لاستكمال خطط التدمير والبلقنة والتهويد.

YouTube video

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top