الجمعة 29 مارس 2024

هل يتحقق محور الجزائر تونس نواقشط؟

الجزائر

تطرح زيارة الرئيس المورتياني، محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى الجزائر، والتي شرع فيها أمس الإثنين، فكرة قوية بإمكانية إعادة تشكيل اتحاد

ⓒ الجزائر
كاتب صحفي

* طريق تندوف الزويرات ينهي عمليا معبر “الكركارات”
* الجزائر لن تسمح بتحويل موريتانيا إلى ممر للسلع المخزنية الصهيونية نحو إفريقيا

تطرح زيارة الرئيس المورتياني، محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى الجزائر، والتي شرع فيها الإثنين، فكرة قوية بإمكانية إعادة تشكيل اتحاد المغرب العربي “بمن حضر”، أي بعيدا عن المغرب الذي سقط في الحجر الصهيوني، وبعيدا ولو مؤقتا أيضا عن ليبيا التي ما زالت لم تستقر فيها الأوضاع الأمنية السياسية بعد، لتشمل فقط الدول الثلاث المتبقية وهي الجزائر وتونس وموريتانيا.

وما يدفع إلى هذا الاعتقاد والتوجه، هو أن زيارة الرئيس الموريتاني إلى الجزائر التي كانت بدعوة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، جاءت بعد أيام قليلة فقط من الزيارة التي قام بها الرئيس تبون إلى الشقيقة الشرقية تونس، والتقى خلالها الرئيس قيس سعيد وكبار المسؤولين التونسيين، والتي كللت باتفاقيات مشتركة كثيرة وقرض مالي من الجزائر لتونس بـ300 مليون دولار.

وكشفت صحيفة “الأنباء الموريتانية”، أن الجزائر ترغب من خلال دعوتها الرئيس الموريتاني الغزواني، في إنهاء التقارب السياسي “القوي” بين موريتانيا وجارتها الشمالية المملكة المغربية”، وهي العلاقات التي تشكلت بالفعل خلال غياب الجزائر عن محيطها خلال فترة حكم بوتفليقة بالكامل، الأمر الذي استغله المخزن وقتها ليتغلغل بشكل واضح في دولة موريتانيا.

غير أن السياسة الجديدة التي بدأت الجزائر في اتباعها منذ مجيء الرئيس تبون إلى سدة الحكم، غيرت كل المعطيات، بداية بتوجه الجزائر القوي لحل الملف الليبي، وليس انتهاء بإصلاح أخطاء الماضي في ما يخص التعامل مع الجارة موريتانيا، لما لها من أهمية استراتيجية سواء في منطقة الساحل والصحراء أو على مستوى منطقة المغرب العربي، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين الجزائر والمغرب، ووصول دولة الكيان الصهيوني إلى منطقتنا المغاربية عبر البوابة المغربية.

وما يثبت هذا التوجه الجديد للجزائر، ما قاله وزير خارجية موريتانيا إسماعيل ولد الشيخ أحمد في شهر أبريل من العام الجاري في أثناء زيارته إلى الجزائر، والتي أكد فيها عقب استقباله من الرئيس تبون، إن العلاقات الموريتانية الجزائرية تعيش أحسن فتراتها خلال السنوات الأخيرة، مذكرا بالمساعدات السخية للجزائر لدولة موريتانيا لتجاوز جائحة كورونا، قبل أن يشير إلى استمرارية العمل من أجل الانتهاء من تشييد الطريق الرابط بين مدينتي أزويرات الموريتانية وتيندوف الجزائرية.

وازدادت وتيرة محاولات تعويض التأخر في العلاقات الثنائية في المدة الأخيرة، من خلال الزيارات المتبادلة لمسؤولي الدولتين، والتي توجت بانعقاد أول دورة للجنة الثنائية الحدودية الجزائرية-الموريتانية شهر نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة، وذلك على إثر التوقيع في شهر أبريل بنواكشوط، على مذكرة تفاهم تتعلق بإنشائها.

وتسهم هذه اللجنة الحدودية في تعزيز فرص الاستثمار وإقامة مشاريع شراكة في القطاعات ذات الأولوية على مستوى المناطق الحدودية وترقية التبادلات الاقتصادية والتجارية والثقافية والرياضية، إلى جانب فك العزلة عن ساكنة المناطق الحدودية.

ومن بين المشاريع الواعدة التي اتفق عليها الطرفان خلال هذه الدورة، إنجاز الطريق الرابط بين تندوف والزويرات، وإنشاء منطقة للتبادل الحر بين البلدين على مستوى المنطقة الحدودية وتنظيم معارض اقتصادية وتجارية في نواكشوط بصفة دائمة وتحفيز المتعاملين الاقتصاديين من البلدين إلى السوق الجزائرية والموريتانية لبيع منتجاتهم، فضلا عن تسهيل دخول المتعاملين الاقتصاديين من البلدين إلى سوق البلدين لبيع منتجاتهم.

ومن بين أهم التوصيات التي خرجت بها اللجنة المشتركة في دورتها الأولى، “تكثيف التنسيق الأمني على مستوى الشريط الحدودي المشترك من خلال استحداث لجنة أمنية مشتركة تضم المصالح الأمنية للبلدين”، وكذا “تحقيق الاندماج الاقتصادي في ظل رؤية تنموية شاملة تخدم أمن واستقرار البلدين”.

وتشير الأرقام إلى ارتفاع قيمة الصادرات الجزائرية نحو موريتانيا بـ205 بالمائة خلال الثلاثي الأول من العام الجاري، كما ازدادت عمليات التصدير عن طريق معبر “الشهيد العقيد مصطفى بن بولعيد” بنسبة تجاوزت 113 بالمائة، وهذا بفضل القاعدة اللوجيستية التي افتتحت في تندوف العام2019.

وقد كان للاعتداء المغربي الجبان الذي تعرضت له قافلة الشاحنات الجزائرية قبل أسابيع داخل الأراضي الصحراوية في طريقها التجاري نحو موريتانيا، الأثر الواضح في الدفع بالتعاون التجاري بين البلدين، الجزائر وموريتانيا، إلى مستويات أعلى بكثير مما هي عليه اليوم، خاصة بعد ثبوت محاولات المخزن استعمال الأراضي الموريتانية للافلات من الحصار الجزائري، لتسويق سلعه نحو السوق الافريقية . وهو ما يدفع أكثر ناحية الإسراع بإنجاز الطريق الرابط بين تندوف والزويرات والذي من شأنه أن يغير بشكل كبير وجه المنطقة، وينهي عمليا الدور الذي يقوم به معبر الكركرات الذي يراهن عليه المخزن لغزو السوق الإفريقية.

غير أن رهانات هذا التوجه، وخاصة منها رهان تحقيق محور الجزائر تونس نواقشط، في ظل المعطيات الحالية تبدو معقدة وليست سهلة، بالنظر إلى التداخلات الدولية الكبيرة، خاصة منها الدور الأمريكي الداعم لعملية التطبيع المغربية الصهيونية، والتي لها دورها الكبير في التأثير على صناع القرار في نواقشط، بالإضافة إلى الدور الخليجي المؤثر للغاية والذي يميل بشكل سافر ناحية دعم الطرح المغربي في قضية الصحراء وكذا في ملف التطبيع، دون أن ننسى الدور الفرنسي المؤثر للغاية والذي سيضغط بالتأكيد ناحية منع الجزائر من كسب معركة الساحل والصحراء عبر البوابة الموريتانية بعد أن خسرت فرنسا أوراقها في مالي.

ولعل هذه التداخلات والاعتبارات هي التي تكون وراء الحرج الموريتاني الذي عبر عنه الرئيس الغزواني أياما فقط قبيل زيارته إلى الجزائر عبر مقابلة له مع مجلة “الاقتصاد والأعمال”، والتي طرح فيها مجددا فكرة الوساطة بين الجزائر والمغرب، لإعادة اللحمة بين البلدين، بما يؤشر إلى أنه على الجزائر أن تضع كامل ثقلها للعب الورقة الموريتانية هذه المرة بطريقة مختلفة تماما.

YouTube video

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top