الأحد 20 أبريل 2025

هل بدأت “أرماجيدون” (حرب نهاية العالم)؟

حرب نهاية العالم

تزداد مخاطر اندلاع حرب نووية مدمرة وشاملة، أو ما سماها مؤخرا الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ"حرب نهاية العالم"، بعد التطورات الكبيرة في الحرب ا

ⓒ حرب نهاية العالم
كاتب صحفي

تزداد مخاطر اندلاع حرب نووية مدمرة وشاملة، أو ما سماها مؤخرا الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ”حرب نهاية العالم”، بعد التطورات الكبيرة في الحرب الروسية الأوكرانية عقب تقدم الجيش الأوكراني في بعض المناطق ولجوء موسكو إلى استدعاء الاحتياط بالتزامن مع تهديدات الرئيس فلاديمير بوتين باستخدام السلاح النووي كرد على استمرار الغرب في دعم أوكرانيا بجميع أنواع الأسلحة.

وأكد الرئيس الأمريكي هذه الفرضية عالية المخاطر عندما أكد مؤخرا بأن تهديدات بوتين باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا جعل العالم أقرب إلى معركة “أرماجيدون” (حرب نهاية العالم) للمرة الأولى منذ أزمة الصواريخ الكوبية في زمن الرئيسين جون كينيدي ونيكيتا خروتشوف عام 1962، لأن احتمال هزيمة بوتين بحسب زعمه سيجعله يائسا بما يكفي لاستخدام الأسلحة النووية.

وحذر بايدن من أن بوتين لا يمزح باستخدام السلاح النووي أو البيولوجي والكيمياوي، بالنظر إلى تراجع الجيش الروسي في ميدان المعركة، وأن الأمر يتعلق بإمكانية استخدام الأسلحة النووية “التكتيكية” على أقل تقدير، قبل اللجوء إلى الأسلحة الإستراتيجية المحمولة على صواريخ طويلة المدى، وهي التي من شأنها أن تؤدي الى فناء البشرية.

ومنذ إعلان موسكو ضم أربع مناطق أوكرانية مؤخرا عقب إجراء استفتاءات بداخلها، ازدادت احتمالية التصعيد النووي بشكل كبير، لأن تلك الأراضي الأوكرانية التي احتلتها روسيا باتت اليوم بحكم كونها أرضا روسية يتعين الدفاع عنها بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك السلاح النووي كما هدد بوتين.

وكرر بوتين تهديداته باللجوء للسلاح النووي في خطابه الذي أعلن فيه ضم أربعة أقاليم أوكرانية إلى الاتحاد الروسي عقب استفتاءات عامة، بعد أن كان قد سبق له فعل نفس الشيء عقب الغزو مباشرة لردع أي تدخل عسكري أمريكي مباشر أو من حلف شمال الأطلسي.

ويرجح مراقبون إمكانية أن يستهدف الهجوم النووي الروسي منشأة عسكرية بعينها، أو عبر ضربة نووية استعراضية، قد تكون مرجحة فوق البحر الأسود، من أجل ترهيب أوكرانيا وحلفائها وإجبارهم على التنازل، إلا أن هذا الاحتمال رغم واقعيته بالنظر الى الظروف الصعبة التي يمر بها جيش بوتين، إلا أن وجود معارضة داخلية لمثل هذه الخطوة باعتبارها “جريمة”، هي من تحد من اندفاعة بوتين علاوة على المعارضة الصريحة من حلفاء بوتين الدوليين كالصين والهند.

المطلوب.. صاروخ يوم القيامة

ولم يقتصر الأمر على تهديدات بوتين باستخدام السلاح النووي، بل إن شريحة من الشعب الروسي المؤيدة لسياسات بوتين خرجت علانية هذه الأيام عقب حادثة تفجير جسر القرم، في مظاهرات وسط موسكو لمطالبة بوتين بضرب العاصمة الأمريكية بصاروخ “يوم القيامة النووي”، حيث خرج المتظاهرون يحملون مجسما لرأس صاروخ يوم القيامة النووي.

ويعرف هذا الصاروخ المرعب (آر إس 28)، وهو النسخة البديلة لصاروخ “آر 36” الملقب بصاروخ الشيطان، والمعروف بأنه لا يمكن إيقافه، بقدرته الفائقة على تجاوز أي منظومة دفاعية في العالم، وسرعته الكبيرة التي تصل الى 15 ألف ميل في الساعة، وقادر على حمل 10 أطنان من الحمولة الصافية، والأنظمة المضادة ضد الصواريخ الباليستية.

غير أن خبراء حذروا وبشدة من إمكانية لجوء بوتين الى تفجير نووي في البحر الأسود، وأن ذلك سيؤدي حتما الى موجات من التسونامي على السواحل، بالإضافة الى انبعاث غازات سامة في الغلاف الجوي، تكون له رائحة مثل رائحة البيض الفاسد يصيب الإنسان والحيوان بالاختناق.

ويُعتقد أن روسيا تمتلك حوالي ألفي سلاح نووي بمختلف الأحجام والأنواع، وتزداد مخاوف الغرب أكثر فأكثر بعد أنباء عن اختفاء أكبر غواصة نووية روسية وقافلة مرتبطة بوحدة نووية رصدت متجهة إلى أوكرانيا.

ما نفع العالم دون روسيا؟

المخاوف العالمية والغربية تحديدا، تشير بكثير من القلق إلى محتوى الخطاب الذي ألقاه بوتين في 30 سبتمبر 2022 الأخير، والذي دعا فيه الجميع إلى التعامل مع روسيا العظمى، منوها إلى أن العالم لا نفع له من دون روسيا.

هذا الخطاب الذي جاء استكمالا لنفس الرؤية البوتينية التي وضعت الترسانة النووية الروسية الضخمة في حالة “تأهب قصوى”، في شهر فيفري الماضي، عقب قرار غزو أوكرانيا، الأمر الذي دفع مراقبين غربيين للتأكيد على أن الغواصات الروسية الموجودة حاليا في البحر الأسود والبلطيق قادرة على إطلاق أكثر من 500 رأس نووي في 3 دقائق وهو ما يضمن تدمير دول الناتو في دقائق.

وتسعى روسيا البوتينية من خلال تكرار التهديد النووي بعد وضع ترسانتها النووية في حالة تأهب قصوى، على تذكير العالم بأن أي محاولة لهزيمة روسيا معناه فناء العالم، وأن محاولات الغرب إحداث الهزيمة الإستراتيجية بروسيا محفوفة بمخاطر وجودية للغرب نفسه وبالتالي عليه مراجعة حساباته جيدا. ويحيلنا التذكير المثير الذي أطلقه الرئيس الأمريكي حول معركة أرماجيدون (حرب نهاية العالم) التي ستحدث بين الخير والشر، إلى اعتقادات بوتين الشخصية في كونه اليوم يقوم بمحاربة الغرب الشيطاني الذي نهب خيرات الشعوب المستضعفة عبر القرون الماضية.

وما يحدث اليوم أننا أمام تهديد يهم البشرية جمعاء، فاستمرار الغرب في تمويله للحرب بملايير الدولارات ومحاصرة روسيا، قد يدفع ببوتين إلى القبول بمعادلة انتحارية، إما القبول بروسيا قوة عظمى تضمن الثنائية القطبية، وإما فناء العالم والبشرية.

إن ما قالته سفيتلانا أليكسيفيتش أديبة بيلاروسيا الحاصلة على “نوبل”، مرعب ويجعل البشرية تضع يدها على قلبها في انتظار ما سيقع، لقد قالت بكل وضوح: إن مسافة بوتين من زر إطلاق النووي أقرب مما نتصور.. وهو ما يعني أن الأمر جد وليس فيه أدنى شكل من أشكال الهزل.. فهل تندلع حرب نهاية العالم أم ستمر الأزمة بردا وسلاما على البشرية؟.

YouTube video

YouTube video

شارك برأيك

ما هي أولويات الرئيس تبون خلال العهدة الثانية؟

scroll top