ما وراء الخذلان
حجم المرارة التي عبر عنها المجاهد الدكتور خليل الحية، رئيس حركة “حماس” في قطاع غزة، ورئيس مكتب العلاقات العربيّة والإسلاميّة فيها، من الخذلان الواسع الذي تعرضت له غزة الشهيدة من الأمتين العربية والإسلامية، وأمام هول الدمار والموت الواسع الذي أصاب شعبا عربيا مسلما أعزلَ، لا يمكن أن يشعر بها إلا من عاش وتحسّس بنفسه حالة “اليتم” والتخلي الذي ينغرس في داخل كل طفل أو امرأة ورجل في غزة، والذي أعتقد أنه أقسى وأمر على النفس من قنابل جهنم التي تسقط عليهم كل يوم، مع إحساس داخلي قاتل بأنهم بلا قيمة لدى من كانوا يعتبرونهم إخوانا لهم في الدين والعروبة، وأنهم باتوا بالفعل عند هؤلاء بلا قيمة وأقل شأنا حتى من الحيوانات التي تتحرك لإنقاذها عادة جمعيات حقوق الحيوان، فهل بعد هذا الإحساس المر يا سيدي من إحساس؟ وهل بعد هذا الخذلان المميت خذلان؟.
الفايدة:
لكن يا سيدي خليل الحية، ويا كل فلسطيني حر شريف يقف الآن صامدا رغم طعنة الإخوان قبل الأعداء، إن وراء خذلان غزة خذلان أكبر، هو هذا الانحلال والفجور الذي بات يملأ بيوت المسلمين وشوارعهم وقنواتهم، وحب الدنيا والشهوات التي سيطرت على الشعوب قبل الحكام، وهذا الانهيار في الوعي لدى الشباب إلى ما دون مستوى انستغرام وتيكتوك، وأن الخذلان قبل أن يكون لغزة، كان لدين الله وشريعته، وهذا ما نحصده الآن حين قتلت في النفوس روح الجهاد واستبدلت بقصص الحب والغرام.
والحاصول:
مهما حاولنا أن نشرح أو نعبر عن حجم هذا الخذلان الذي لم يسبق أن رأيناه أو سمعنا عنه في تاريخنا الإسلامي الطويل، فلن يكون بإمكاننا تقدير حجمه ودرجة الألم الذي أنتجه داخل كل فلسطيني يعيش المأساة اليوم في غزة بكل تفاصيلها المحزنة، ومع ذلك فإن ترديد البيت القديم “وظلم ذوي القربى أشد مضاضة” قد يشير ولو من بعيد إلى موطئ الجرح، كما أشار إليه أسلافنا أيضا حين قالوا “ما يحس بالجمرة غير اللي كواتو”.