صنصال وجذور الخيانة
كنت من بين الكتاب الذين حذروا كثيرا في السابق من أمثال بوعلام صنصال وكمال داود وغيرهما، من النخب الجزائرية المستلبة، ليس من باب الاختلاف في الرأي أو انغماسهم في الفكر العلماني المتطرف المعادي لقيم الشعب الجزائري المسلم، إنما لكون هذا النوع من الكتاب هم امتداد لفكر الآباء البيض، و”زريعة” فرنسا التي تركتها في هذه الأرض، لتنبت خيانة وعمالة لفرنسا المجرمة، تماما كما كان آباء هؤلاء يقاتلون أبناء الشعب ضمن صفوف الجيش الفرنسي، وبالتالي فليس غريبا اليوم أن نشاهد مرة أخرى، هذه “الحيحاية” التي تقيمها فرنسا على اعتقال عميلها صنصال في الجزائر، وكأن تشكيكه في استقلال وتاريخ وسيادة وحدود الجزائر، بل وإنكار وجود الأمة الجزائرية أصلا، لا يستحق العقوبة، لأن فرنسا الحقودة تعتبر تلك الأمور من بين أهدافها الرئيسة، وقد سبق لماكرون نفسه أن أنكر وجود الأمة الجزائرية، وبالتالي فإن خيانة هذه النخبة الجزائرية المستلبة حضاريا لم يعد فيها أي شك، وأي دفاع عن هؤلاء الخونة من أي جهة كانت من بين الجزائريين، وتحت أي مسمى كان، سواء بحجة حرية التفكير والإبداع أو غيره، يضع تلك الجهة في نفس الخانة الخيانية.
الفايدة:
الخطورة في هذا الأمر، أن المتفرنسين فكريا من النخب الجزائرية المستلبة، ذهبوا بعيدا في خيانتهم حتى صاروا متصهينين أيضا، لأن التفرنس والصهينة صنوان من مشكاة واحدة، ولذلك نرى كل هذا التحالف اليميني الفرنسي والقوى الصهيونية في فرنسا قد ألقى بثقله دفاعا عن عميلهم صنصال في محاولة لإنقاذه من عدالة دولة سيدة تعرف جيدا كيف تحمي تاريخها واستقلالها وكيف تعاقب الخونة.
والحاصول:
لقد كشفت الأحداث وخاصة بعد الحراك، أن طابور العملاء والخونة من الجزائريين طويل جدا، وأن المعارضات السياسية الوهمية التي تقبض من باريس والرباط وتل أبيب، قد أفلست في حربها القذرة ضد الدولة الجزائرية، فكان من اللازم تحريك ما يسمى بـ”النخب المثقفة” التي تم نفخها بجوائز أدبية مصطنعة على شاكلة “غونكور” وغيرها، لتقوم بالدور القذر البديل، لكن المهمة يبدو أنها اصطدمت اليوم بحائط الصد الوطني السميك تماما كما اصطدم “الحركى” و”القومية” و”البيّاعين” بحائط الثورة المجيدة بالأمس.