شهادة للزواج!
ضحكت كثيرا حتى كدت أسقط على الأرض، وأنا أقرأ نص المرسوم التنفيذي الجديد الذي صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، المتعلق بفرض الشهادة الطبية وإلزامية الفحوص والتحاليل قبل الزواج، بقائمة طويلة عريضة من الأمراض، غرضها البحث عن الأمراض المتنقلة التي يمكن أن تنتقل من أحد الزوجين إلى الآخر أو إلى أحد فروعهما، بحيث لا يجوز للموثق أو ضابط الحالة المدنية تحرير عقد الزواج إلا بتلك الشهادة الطبية، وسبب ضحكي ليس الإجراء في حد ذاته، الذي قد يكون مفيدا خاصة في ظل حالة انتشار الأمراض المتنقلة جنسيا في ظل حالة الانفلات الأخلاقي الحاصلة اليوم، وإنما لأن الناس والشباب تحديدا، يعيشون مآزق وتعقيدات أكبر بكثير من هذا الأمر، تتعلق بعدم القدرة على الزواج أصلا لأسباب أخرى كثيرة لا تتعلق بالأسباب الصحية، وإنما بعدم القدرة المالية، وانتشار الفساد وقلة الصالحين من الجنسين الذين لديهم المؤهلات النفسية والأخلاقية الكفيلة ببناء الأسرة، وهي أساس الكارثة التي نعيشها اليوم من عزوف شامل عن الزواج، وليست في قضية الشهادة الطبية التي قد تزيد الطين بلة.
الفايدة:
كان يفترض قبل أن نصل إلى موضوع الشهادة الطبية قبل الزواج، أن تنصب جهود الدولة والمصلحين في إيجاد حلول حقيقية للمشاكل والمعوقات الخطيرة التي تحول دون تحقيق “أهلية الزواج” بالنسبة للراغبين في ذلك، وأعتقد أن الاشتغال بتكوين المقبلين على الزواج نفسيا وأخلاقيا، على الطريقة الماليزية، ومنحهم شهادات “الأهلية والكفاءة للزواج” أولى بكثير من موضوع الشهادة الطبية.
والحاصول:
نحن في زمن لا يجد فيه الشاب أو الشابة نصف رجل حقيقي أو نصف امرأة حقيقية يصلحان للزواج من النواحي الأخلاقية والنفسية والإنسانية، وقد يستغرق الأمر سنوات طويلة من البحث المضني بلا فائدة، لانعدام الأهلية الحقيقية لدى الجنسين لبناء أسرة متماسكة، أما موضوع الشهادة الطبية وحدها فهي لن تحل مشكلة، فلأنك ـ كما يقال ـ بالنفس والروح والعقل لا بالجسم إنسان.