الاثنين 06 مايو 2024

الكيان يخطط لتسليم غزة للمطبعين العرب

غزة

أمريكا تريد من المطبعين العرب القيام بما عجز عنه جيش الكيان

ⓒ رويترز
  • هل يشارك الجيش المغربي في المخطط الخياني؟
كاتب صحفي

تتنوع خطط الصهاينة والأمريكان ليوم ما بعد الحرب على غزة، بشكل مثير للدهشة، بعد الفشل الذريع في تحقيق أي انتصار يذكر أو أي هدف من أهداف الحرب المعلنة رغم مرور حوالي 180 يوما من بدء العدوان، غير أن الصيحة الأخيرة لهذه الخطط الشيطانية وصل بها الخبث والدهاء، إلى حد التفكير في التخلص من مشكلة قطاع غزة، عبر تسليمه إلى “المطبعين العرب”، لكي يقوموا بما عجز عنه الجيش الصهيوني، وفي مقدمة أهداف الخطة الجديدة هو قيام جيوش الدول العربية المطبعة مع الكيان، بالقضاء على حماس والمقاومة، تمهيدا لتثبيت الاحتلال الأمريكي للقطاع الغنية شواطئه بالثروات وخاصة الغاز، تحت مسمى ميناء غزة الأمريكي.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد كشفت بداية هذا الأسبوع، عن فحوى هذه الخطة، مشيرة إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت بحث تفاصيلها مع الأمريكان خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، والتي تقضي بتسليم قطاع غزة إلى قوة عربية من “المطبعين العرب” الموالين لأمريكا، تكون من بين مهامها ليس فقط القيام بمسؤولية فرض القانون والنظام في القطاع، والسيطرة على قوافل المساعدات الإنسانية، وإنما القضاء على حكم حماس وإيجاد بديل فلسطيني موال للصهاينة والأمريكان.

وبحسب المصادر نفسها فإن الخطة الخبيثة الجديدة التي ناقشها كبار قادة الجيش الصهيوني في المدة الأخيرة مع ممثلين عن ثلاث دول عربية “مطبعة”، كما ناقشها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع قادة عدد من الدول العربية “المطبعة”، تقضي بأن من مهام القوة العسكرية العربية المكلفة بهذه “المهمة القذرة”، تأمين الرصيف المؤقت الذي ستقيمه أمريكا لتوزيع المساعدات الإنسانية، ومنع سلطة حماس من السيطرة على تلك المساعدات، على أن تتولى أمريكا تمويل تلك القوة العربية “العميلة” دون أن ترسل جنودا أمريكان على الأرض.

هل يشارك جيش المخزن في المؤامرة؟

ورغم أن المصادر الإسرائيلية لم تكشف سوى عن اسم دولة مصر المرشحة بقوة للمشاركة في هذه القوة العربية من ثلاث دول عربية المكلفة بمهمة إخضاع المقاومة في غزة، ولم تشر لجنسية القوات العربية الأخرى المرشحة أيضا لهذه المهمة، إلا أن مؤشرات كثيرة تشير لاحتمالية كبيرة في مشاركة الجيش المغربي والجيش الإماراتي في هذه المهمة، بالنظر إلى طبيعة علاقات الرباط وأبو ظبي بالكيان الصهيوني، وتحالفهما الواسع معه في مختلف المجالات بما في ذلك الجانب العسكري، خاصة ما تعلق بالجانب المغربي الذي تربطه بالكيان الصهيوني علاقات تحالف عسكرية متينة، قد تجبره على قبول مثل هذه المهمة، علاوة على أنه سبق له وأرسل جنودا وعمالا وممرضات إلى الكيان قبل اندلاع الحرب في غزة، ويقوم بتنسيق واسع مع الكيان وعلى أعلى المستويات.

وما يرجح كفة المخزن لكي يشارك في هذه المؤامرة، حالة التنسيق عالية المستوى التي ما تزال إلى اليوم رغم كل المجازر التي اقترفها جيش الكيان الغاصب في غزة، بين الرباط وتل أبيب، والتي مكنت في الأيام القليلة الماضية من السماح للمغرب بإنزال مساعدات عبر الجو إلى جانب دول عربية مطبعة أخرى كالأردن ومصر والامارات وغيرها، إلا أن “التفضيل” الإسرائيلي للمخزن دفع تل أبيب أن تمنح لأول مرة وبشكل حصري للمخزن فرصة إدخال المساعدات المغربية عبر معابر الشمال إلى غزة، في عملية مكشوفة بين الجانبين الصهيوني والمخزن لتلميع صورة الملك المغربي التي تشوهت كثيرا خلال هذه الحرب بسبب صمته المطبق حيال جرائم “إسرائيل”.

وبينما استبعدت المصادر ذاتها مشاركة قوات سعودية أو قطرية في هذه الخطة، حاول الأردن النأي بنفسه عنها عبر تصريحات سابقة لوزير الخارجية أيمن الصفدي التي أكد فيها رفض فكرة “استبدال جندي أردني بالجندي الإسرائيلي”، الأمر الذي يجعل من مشاركة الجيش المخزني شبه مؤكد، إلى جانب قوات من مصر باعتبارها دولة الجوار العربي الوحيدة الملاصقة للقطاع، وقوات إماراتية معروفة بأدوارها المثيرة للريبة في كامل الوطن العربي.

المقاومة تحذر من احتلال المطبعين

وحيال تسرب مثل هذه الخطة الخطيرة للإعلام، وتداولها بشكل واسع في الأيام الماضية، اضطرت فصائل المقاومة الفلسطينية التابعة للجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية (تضم معظم الفصائل الفلسطينية)، للخروج ببيان نشرته حركة حماس عبر منصاتها الرقمية، بمناسبة الذكرى الـ48 ليوم الأرض الفلسطيني،  تحذر فيه من أن أي تدخل في غزة لأي قوة متعددة الجنسيات عربية كانت أو غيرها، هي “مرفوضة وغير مقبولة” وبمثابة “قوة احتلالية”، وسيتم التعامل معها وفق هذا التوصيف، بما يعني أن أي قوة عربية عميلة تريد أن تدخل القطاع لتمارس دور الشرطي الإسرائيلي والأمريكي سيكون مصيرها أسوأ من مصير القوات الصهيونية التي دخلت القطاع وتعرضت لأفدح الخسائر منذ نشأة الكيان.

وبينما ثمنت الفصائل الفلسطينية موقف الدول العربية التي تكون قد رفضت المشاركة في هذه المهزلة، في إشارة ربما إلى دول كقطر والسعودية وحتى الأردن، وهي دول لها بشكل أو بآخر علاقات بالكيان، فإن دولا عربية أخرى غير مطبعة وعلى رأسها الجزائر، ترفض مطلقا مجرد الحديث عن مثل هذه الخزعبلات، لأنها ترى، كما ترى المقاومة الفلسطينية تماما في بيانها، أن “كل محاولات خلق إدارات بديلة تلتف على إرادة الشعب الفلسطيني ستموت قبل ولادتها ولن يكتب لها النجاح، لأن الشعب الذي أعاد كتابة التاريخ بدمه وصموده لن تستطيع قوة في الأرض أن تحتل أو تنتزع إرادته”.

المخطط محكوم عليه بالفشل.. لكن.

ولا يحتاج الأمر إلى كثير من التفكير، للتأكيد أن مثل هذا المخطط الذي يهدف إلى ضرب المقاومة الفلسطينية بقوات عربية، تمهيدا لضرب الفلسطينيين بالفلسطينيين عبر إقامة حكم العملاء و”الحركى”، محكوم عليه بالفشل الأكيد، فما فشل فيه جيش الكيان الذي هزم الجيوش العربية في عدة حروب خلال أيام قليلة، لن تنجح فيه جيوش عربية مهزوزة ومهلهلة وتحكمها ديكتاتوريات عميلة، إذ لا يمكن للفلسطيني في غزة، الذي دفع كل هذه الأثمان الغالية من دمائه وأملاكه، أن يستبدل احتلالا باحتلال آخر، أو أن يرى قوات عربية تمارس مهام الشرطة لحماية رصيف أمريكي هو بمثابة احتلال أمريكي مقنع.

كما أن معارضة دول عربية قوية وعلى رأسها الجزائر لهذا المخطط يقلص من احتمالية تمريره، وقد اتضح ذلك بشكل واضح في قرار وزراء الخارجية العرب المعتمد خلال أعمال الدورة 161 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري الذي عقد بالقاهرة، في 7 مارس الجاري، الرافض بشكل قاطع للخطط الصهيونية لما يُسمى بـ”اليوم التالي للحرب”، على الرغم من أن هذه الخطة بالذات لم تكن قد تبلورت وقتها بشكل واضح كما هي الحال الآن.

يذكر أن الصهاينة بدعم أمريكي غير محدود، حاولوا طوال الشهور الستة الماضية من عمر العدوان على غزة، طرح سيناريوهات وخطط بديلة لحكم حماس لقطاع غزة، من بينها عودة سلطة رام الله وعباس للقطاع بكل ما تحمله من مساوئ التنسيق الأمني المباشر مع الصهاينة، أو إنشاء حكومة تكنوقراط، ودخول قوات دولية بإشراف مصري لحكم القطاع، ووصل الأمر إلى حد الذهاب إلى تولية القبائل الغزاوية المعادية أو الرافضة لحكم حماس السلطة في غزة، وكلها فشلت فشلا ذريعا خاصة بعد الموقف الوطني التاريخي من القبائل والعشائر الفلسطينية ضد خيانة الدم الفلسطيني.

يحدث كل هذا، بينما تتواصل الحرب الإجرامية على القطاع، كما تتواصل المفاوضات التي تنتقل من باريس إلى الدوحة ثم إلى القاهرة دون تحقيق نتائج ملموسة، بينما الاستعدادات جارية لدى الكيان لاجتياح رفح، في مقابل مخطط أمريكي بديل آخر لرفح، مواكب لعمليات إرسال واسعة للأسلحة للكيان، يقضي بعزل رفح وتطويقها عسكريا، وتركيب أجهزة مراقبة إلكترونية وأجهزة استشعار لإحكام إغلاق الحدود مع مصر، والقيام بعمليات مشتركة أمريكية إسرائيلية لضرب مواقع المقاومة والقيادات البارزة، الأمر الذي يجعل المخطط الأخير بتسليم قطاع غزة إلى المطبعين العرب بعد ذلك، قائما على طريقة تقشير الموز وتسليمه للأكل، وهو ما لن يكون بهذه السهولة أبدا، ففي داخل القطاع رجال لا يشبهون رجال اليهود ولا رجال الخونة والعملاء.

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top